أزمة الالتزام المهني في الصيدليات المغربية: انتهاكات القانون وتهميش حقوق المستخدمين

ضربة قلم
في ظل التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها المجتمع المغربي، بات واضحًا أن مفاهيم الالتزام والمسؤولية المهنية تتعرض لاختبارات جادة في ميادين عدة، وخاصة في القطاع الصحي الذي يعد حجر الزاوية في الحفاظ على صحة المواطنين وسلامتهم. يبدو أن القانون الذي ينص على ضرورة حضور الصيادلة داخل مقر عملهم يواجه تحديات حقيقية حين يتحول التركيز من تقديم خدمة صحية متكاملة إلى مجرد تحقيق مداخيل مالية على حساب المصلحة العامة. إذ نجد أن عددًا خطيرًا وكبيرًا من الصيادلة في المغرب لا يحضرون بمقر الصيدلية إلا من باب الحفاظ على عائداتهم، حيث يختار البعض منهم الانخراط في منافسة شرسة في مجال الاستثمار العقاري بدلاً من الالتزام بالمهن الطبية، مما يضعف من جودة الخدمات المقدمة ويضع النظام الصحي في مأزق يتطلب إصلاحًا عاجلًا.
وتتفاقم المشكلة حين يعتمد هؤلاء الصيادلة على مساعدين يفتقرون في كثير من الأحيان إلى الخبرة والكفاءة اللازمة لإدارة الصيدلية ومواكبة التطورات في هذا القطاع، في حين أن شريحة صغيرة من المساعدين تمكنت من اكتساب الحس المهني اللازم، حتى أصبحت كفاءتهم تتجاوز أحيانًا كفاءة بعض الصيادلة أنفسهم. وإلى جانب ذلك، يعاني هؤلاء المساعدون من ظروف عمل قاسية وأجور زهيدة، لا سيما مع استمرار تعمد بعض أصحاب الصيدليات على عدم تسجيلهم في دفاتر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مما يحرمهم من التعويضات القانونية المستحقة ويفرض عليهم واقعًا يشبه العمل في القرون الوسطى. كما أن سياسة استبدال المساعدين كل ستة أشهر دون مراعاة حقوقهم تزيد من وطأة هذه الانتهاكات، حيث تتناوب في بعض المدن مثل المحمدية 12 صيدلية على تقديم خدمات الحراسة دون أن تصاحب ذلك أي ضمانات للتعويض عن ساعات العمل الإضافية والمجهود المبذول.
ومن هنا تبرز الحاجة الملحة لإصلاح جذري في آليات إدارة الصيدليات وتنظيم العلاقة بين الصيادلة ومساعديهم، من خلال تطبيق صارم للقوانين والتشريعات التي تضمن حقوق العاملين وتحفظ سلامة النظام الصحي ككل. يتوجب على الجهات الرقابية والمسؤولين في هذا القطاع التحرك بشكل عاجل لتصحيح هذه الانحرافات التي تهدد بمستقبل مهني هام ومسؤول، وضمان أن يصبح الهدف الأساسي هو خدمة المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية وليس مجرد تحقيق الأرباح الشخصية على حساب المصلحة العامة.