
ضربة قلم
يبدو أن وزارة التربية الوطنية قد تفوقت في فن “التسويف” وأبدعت في مدرسة “المماطلة”، حتى باتت ملفات الأساتذة العالقة تصلح كنموذج حي لدراسة الظلم الوظيفي! فأساتذة “الزنزانة 10″، الذين صاروا متخصصين في تلقي الوعود، أعلنوا أن الكيل قد طفح، والصبر – الذي درّسته لهم المناهج – قد نفد، وأنهم لن يظلوا مكتوفي الأيدي وهم يتلقون جرعات إضافية من “الاستهانة الرسمية”.
الوزارة، وكعادتها، تجيد لعبة “الاجتماعات المتكررة بلا نتائج”، حيث تتفنن في عقد اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء، لكنها للأسف لا تتفنن في تقديم مخرجات ملموسة! فبعدما علق الأساتذة آمالهم على جدولة زمنية وُلدت ميتة، اكتشفوا أن الوزارة تمارس معهم نسخة متطورة من “خذ موعدًا وراجعنا بعد سنة”!
أما عن الحلول المقترحة، فهي لا تعدو كونها “صدقات مؤقتة”، وكأن الأساتذة يتسولون حقوقهم لا يطالبون بها! سنوات من القهر والمعاناة النفسية والمادية، ومقابلها بعض “الفتات” الذي لا يسمن ولا يغني من ترقية! بينما الوزارة تُبدع في صياغة بلاغات فضفاضة تشبه خطابات التنمية التي لا نراها إلا في التقارير الإعلامية.
التنسيقية، التي يبدو أنها تعبت من إعادة نفس الخطاب، حذرت من “الالتفاف” و”التوافقات الغامضة”، ودعت إلى “تحمل المسؤوليات التاريخية”، لأن الأساتذة على ما يبدو صاروا خبراء في التاريخ… تاريخ المماطلة والانتظار والوعود المؤجلة!
وفي الأخير، أكدت التنسيقية أن الحراك التعليمي لم يخمد بعد، وأنهم ماضون في التصعيد، لأنه لم يعد هناك ما يخسرونه سوى قيود “الزنزانة 10”! فهل ستدرك الوزارة أن الأساتذة ليسوا مجرد أرقام في سلم إداري، أم أن مسلسل “الترقية” سيظل حبكة درامية لا نهاية لها؟