مجتمع

أشباح براتب شهري: عندما تتحول الجماعات الترابية إلى ملاذ للوظائف الوهمية!

ضربة قلم

عمال عرضيون بالنهار، وأشباح بالليل! هكذا يمكن تلخيص المشهد العبثي الذي كشفت عنه تقارير قضاة المجلس الجهوي للحسابات، حيث لم تعد ظاهرة التشغيل العشوائي تقتصر على إدماج غير المستحقين، بل تطورت إلى نظام متكامل من “الأشباح”، بعضهم يستيقظ على الساعة الثانية عشرة ظهرًا، بينما تستيقظ أرصدتهم البنكية مع أولى تحويلات ميزانيات الجماعات.

في إقليمي برشيد ومديونة، انفجرت فضيحة تشغيل أعداد خيالية من العمال العرضيين دون حاجة فعلية لهم، بل الأسوأ أن بعضهم تجاوز سن التقاعد، ومع ذلك وُجدت له “مهام مقدسة”، كحراسة فيلات الرؤساء وسياقة سياراتهم، وربما حتى تربية القطط في الإقامات الفاخرة! هؤلاء ليسوا موظفين، بل “مستشارون جماعيون” بمهن غير مُدرجة في أي تصنيف وظيفي، رواتبهم مضمونة، وعقودهم تُجدد دون مساءلة، والبركة إما في الوالد، أو الأصدقاء المقربين من المنتخبين، أو في انتخابات تلو أخرى.

أما الفضيحة الكبرى، فهي أن بعض الأشباح أكثر حظًا من العمال العرضيين العاديين، لأنهم يشتغلون… خارج أرض الوطن! ومن البذيهي أنهم يشتغلون بالمهجر ويتقاضون أجورا هناك، بل وتصلهم هنا الحوالات بانتظام، وربما هم الآن يحتسون قهوة في مقهى أوروبي فاخر، بينما تسجل دفاتر الحضور أسماءهم في مكاتب الجماعات الترابية. فهل ننتظر من هؤلاء أن يطالبوا بالإصلاح؟ أو أن يعترفوا بأنهم مجرد أوراق انتخابية متحركة تُستخدم وقت الحاجة؟

وزير الداخلية استشعر الخطر ووجّه تعليماته لتقنين هذه الفوضى، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف نحارب الموظفين الأشباح، وهم أنفسهم جزء من منظومة تتحكم في مصير الجماعات؟ هل نطلب منهم محاربة أنفسهم؟ أم أننا سنظل نشاهد موسمًا جديدًا من مسلسل الأشباح الجماعيين، حيث تتغير الأسماء، لكن تبقى الأدوار ثابتة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.