دفاتر قضائية

أنعشوا الجيب… وتركوا المريضة تموت والنتيجة أفضت إلى السجن النافذ!

ضربة قلم

في بلدٍ قد يتحول فيه الإهمال الطبي إلى اختصاص جامعي، قضت المحكمة الابتدائية بورزازات بإدانة طبيب وصاحب مصحة خاصة بستة أشهر حبسا نافذا، بعد أن أثبتت الوقائع أن “الاحتياط” في المصحة كان في عطلة غير مدفوعة الأجر!

القضية ليست من مسلسل درامي، بل من واقعنا الصحي المذهل: سيدة دخلت مصحة لتُعالج، فخرجت منها شهادة وفاة… ومعها شهادة طبية “مفبركة” تقول إن طبيب الإنعاش والتخدير كان حاضراً، رغم أن الرجل، حسب كل الشهود، كان غائباً غياباً تاماً، ربما في إنعاش آخر خارج الورزازات!

القاضي، الذي يبدو أنه لم يجد مبرراً أكثر عبثاً، وزّع الأحكام وكأنه يوزع وصفات دواء:

  • الطبيب: 6 أشهر نافذة وغرامة 1000 درهم (يعني ثمن عملية تخدير رمزية!)

  • الممرض والممرضة: 4 أشهر نافذة وغرامة مماثلة، وكأن المسألة مجرد “دوخة مهنية”.

أما عائلة الضحية، فقد نالت تعويضاً قدره مليون درهم، تعويضٌ كبير على الورق، لكن لا يعيد الحياة ولا يمحو مرارة “عملية بلا طبيب”. والمضحك المبكي أن شركة التأمين هي من ستدفع، بينما يستمر الأبطال الثلاثة في تصفح كتيّب الأخطاء الطبية وكأنها دروس تقوية.

القصة باختصار؟
عملية جراحية دون طبيب إنعاش، ممرضة “تُنعش” الأجواء، ممرض متقاعد يُسعف بذكرياته، وطبيب يصنع شهادة كما يصنع فاتورة “خدمات إضافية”. النتيجة؟ وفاة مؤسفة، ووثيقة رسمية تقول إن كل شيء كان على ما يرام!

النيابة العامة لم تستسغ المشهد، فتابعت الجميع بتهمة القتل غير العمد وصنع شهادة كاذبة. تخيّلوا أن القانون اضطر أن يشرح لهم أن الاحتياط واجب، والضمير المهني ليس مادة اختيارية!

ولأن بلادنا تحب الغرائب، فقد جاء في الحكم أن الطبيب كان يشتغل “بنية صادقة”، وكأن النية وحدها كافية لتخدير الألم وتعقيم الضمير.

في النهاية، أكدت المحكمة أن «العدالة بخير» في ورزازات… أما قطاع الصحة، فـ«مازال في الإنعاش»، في انتظار أن يستفيق من غيبوبة المسؤولية!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.