سياسة

الرفيق الأخير: حين يوزّع لشكر دروس الوطنية من فوق أنقاض الحزب!

ضربة قلم

كان بإمكان إدريس لشكر أن يركن إلى زاوية التأمل السياسي، بعد سنوات من “القيادة الحكيمة” التي حولت الاتحاد الاشتراكي من حزب جماهيري إلى صفحة أرشيفية في الذاكرة الوطنية. لكنه، ولسبب غير مفهوم، اختار أن يصعد منابر “المنتديات الدولية”، متحدثًا عن الدبلوماسية البرلمانية كما لو أن حزبه لم يُختزل في مقعد أو مقعدين، ومع ذلك يطمح إلى التأثير في خرائط التعاون بين الجنوب والجنوب.

لشكر، الذي خُيل إليه أن جمهور المنتدى مكون من أعداء الوحدة الترابية، راح يُعيد على أسماع الحضور دروسًا في الوطنية وكأنهم تلاميذ في حصة تربية وطنية، لا شبابًا سياسياً من داخل نفس العائلة الإيديولوجية. أما حديثه عن “الوعي النقدي” و”الخطاب الواقعي والمبدئي”، فقد بدا كمزحة سمجة من رجل قضى سنواته الأخيرة في تنظيف الحزب من كل من حمل هذا الوعي أو تجرأ على استعماله خارج جدول الطاعة.

لقد تحدث عن التنمية كما يتحدث المزارع عن الحصاد، ناسياً أن الأرض التي أهملها وأقصى فلاحيها لا تنتج إلا الأشواك. وكأن تنمية الأجيال لا تبدأ من ترميم البيت الداخلي، من إعادة الاعتبار لأصوات القاعدة، من مصالحة الحزب مع تاريخه، لا من التهجم على العالم الخارجي بخطب لا تسمن ولا تغني عن مشروع سياسي.

أما الشباب الذين خاطبهم بكلمات “التحفيز”، فقد وجدوا أنفسهم محاصرين بين السطور، يتساءلون بصمت: أي مشعل هذا الذي يطالبوننا بحمله؟ أهو نفسه الذي أُطفئ عمدًا داخل الحزب باسم الانضباط؟ أم هو فتيل آخر لمعارك انتخابية لا يعرف أحد أين تبدأ ولا أين تنتهي؟

في النهاية، لسنا ضد المنتديات، ولا ضد الخطب، لكننا ضد أن تتحول السياسة إلى فرجة، وضد أن يُستعمل الوطن كقميص عثمان كلما ضاقت السبل داخل الحزب. ولسنا ضد الرجل، ولكن حين يصير ظل الرجل أثقل من فكر الحزب، فالأجدر أن يغادر بخفة، أو على الأقل، أن يصمت بحكمة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. للأسف قيادات حزبية متهالكة لاتعرف من الخطاب غير الماضي الذي لم يشاركوا في صنعه بل ساهموا في هدمه من خلال ارض الله واسعة لكل من تجرأ على النصح أو النقد أو التنبيه ، مؤسف ان تتحول الى دكاكين موسمية ..استقيلوا بشرف واتركوا الشباب يتعلم كيف ينهض ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.