دفاتر قضائية

إدانة رئيس جماعة وجدة وحزب الأحرار في صدارة الموقوفين!

ضربة قلم

في الوقت الذي تنتظر فيه ساكنة الجهة الشرقية مشاريع تنموية، فرص شغل، وطرقات لا تنهار مع أول قطرة مطر، يبدو أن القدر كتب لها فصلًا آخر من فصول “دراما التنمية المغربية”: فصل المحاكمات، والتزوير، وسيناريوهات مستوردة من مسلسلات أمريكية رديئة الإنتاج.

ها نحن اليوم أمام حلقة جديدة من مسلسل “جماعة وجدة: من رئاسة المجلس إلى ردهات المحكمة”، والبطل ليس غريبًا عن الشاشة، بل هو الرئيس نفسه، السي محمد العزاوي، الذي جاء محمولًا على أكتاف حزب التجمع الوطني للأحرار، متوشحًا بشعار “أغراس أغراس”، وإذا به يُضبط متلبسًا بـ”تزوير تزوير”، حسب منطوق المحكمة طبعًا، وليس أقوال المعارضة.

ولأننا في مغرب العجائب، فالقصة لا تبدأ بالتنمية ولا تنتهي بالإصلاح، بل تنطلق من ورقة وقّعها من لم يحضر، وأمضاها من لم يشاهد، وقُدمت للسلطات على أساس أنها دليل على “الشرعية الشعبية”، لتصبح فجأة “وثيقة زور”، ويجد المرشح الناجح نفسه في مواجهة تهم من العيار الثقيل: تزوير، استعماله، صناعة شهادة من الخيال، وترويجها كأنها حقيقة.

لكن ما يثير الضحك المبكي هو السياق العام: رئيس جماعة فاز بـ45 صوتًا من أصل 61، أي أغلبية ساحقة، وكأن سكان وجدة اتفقوا -بإجماع نادر- على من يصلح لشؤونهم، قبل أن تكتشف المحكمة أنه قد “صلّح” بعض التواقيع مسبقًا… فقط لتسهيل فوزه، لا غير.

المثير للسخرية، أن حزب التجمع الوطني للأحرار، والذي دخل إلى الانتخابات على صهوة الوعود الكبرى، أصبح اليوم في طليعة الأحزاب من حيث عدد المنتخبين المعتقلين والموقوفين عبر تراب المملكة، حتى أن أحد الظرفاء قالها بالفم العامر: “تجمعوا عاهما”!
نعم، لقد تحول الحزب إلى “حاضنة قضائية”، حيث تُقاس شعبيته بعدد الاستدعاءات القضائية بدل عدد المشاريع المنجزة.

أما الجهة الشرقية، المسكينة، فكما العادة، لا تملك حظ الرباط ولا دعم البيضاء ولا بريق مراكش… بل تملك فقط نصيبها العادل من الفضائح، والإحالات، والملفات التي تسافر أكثر من القطارات.
وكأن لعنة “الشرق المهمش” لم تكتفِ بتهميش الاقتصاد، بل قررت أن تطال السياسة، والمجالس المنتخبة، وحتى أقلام التوقيع.

وبين جلسة وأخرى، كان دفاع الرئيس العزاوي يطلب التأجيل بدعوى “إعداد الملف”. ثلاث سنوات من الإعداد! أي أطروحة دكتوراه في التزوير هذه؟
أم أن الملف كان يحتاج إلى بعض التنقيح الأدبي، أو ربما لمسات من الخيال السياسي حتى يليق بمقام المحكمة؟!

كل هذا، ولا تزال السلطة المحلية، ومعها وزارة الداخلية، تمارسان رياضة “فرجة المتفرج المحايد”، تراقب عن بعد، وكأن هذه الفصول لا تعني أحدًا… وكأن المواطنين لا يحق لهم معرفة من زور ومن زُوّر له، ومن أقسم على خدمة المدينة ثم قضى ولايته في ممرات العدالة.

في النهاية، الحكم جاء بسنة موقوفة التنفيذ، أي أن الرئيس لن ينام في الزنزانة، بل سيواصل حياته -وربما مهمته الانتخابية- كأن شيئًا لم يكن.
وما على المواطنين إلا أن يتأملوا، ويتعوذوا من “المنتخبين المزورين”، ويرددوا المثل المغربي القديم:
“اللي دارها بيدّيه، يفكّها بسنانو… إلا كان عندو سنان”.

والآن، من قال إن الجهة الشرقية لا تصدّر شيئًا؟
ها هي تصدّر لنا قصصًا حقيقية أغرب من الخيال، تُدرّس في كليات القانون، وتُلهم كتاب الكوميديا السوداء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.