مجتمع

إلى جلالة الملك: من أجل إنهاء العبث بشاطئ مونيكا وإعادة الحق لأصحابه

ضربة قلم

في بلادٍ يُفترض أن القانون فيها فوق الجميع، يبدو أن البعض قرر أن يكون فوق القانون نفسه، أن يتصرف كأن الأرض وما عليها مُلكٌ شخصي، وأن يتعامل مع المجال العام وكأنه مجرد امتداد لفيلاته الخاصة وحدائقه الخلفية. مشهد إقامة “مونيكا” بالمحمدية ليس مجرد حادثة معزولة، بل هو عنوان صارخ لمرحلة أصبح فيها الترامي على الملك العمومي مجرد هواية تمارسها بعض الفئات دون خوف أو خجل، وكأنها تنسج واقعًا موازيًا، حيث القانون يُصاغ حسب أهواء “حكام الإقامة” وليس حسب ما تنص عليه الدولة التي يُفترض أنهم يعيشون تحت سلطتها.

فكرة إغلاق ممرات الشاطئ أمام المواطنين بحواجز حديدية، وكأن البحر نفسه صار محتكرًا، لا تثير الدهشة بقدر ما تثير الاشمئزاز. ليس فقط لأن الشاطئ ملك عمومي، بل لأن المشهد يُعيد إلى الأذهان زمن الإقطاعيات البائدة، حيث يُرسم خط غير مرئي بين “النخبة” التي ترى أن لها الحق في كل شيء، وبين باقي الشعب الذي عليه أن يكتفي بالنظر من بعيد، أو أن يبحث عن شبر آخر لم تطله بعد أيدي “الخواص” الذين يرون أن الشمس والرمال والبحر قد صُممت لتلبية احتياجاتهم وحدهم.

الأدهى والأمر، أن هؤلاء لم يكتفوا بوضع العوائق الحديدية، بل قاموا بتجنيد “حراس خصوصيين”، لا ليحموا الأمن، بل ليضمنوا استمرار الحصار، مستعرضين عضلات هشة تستمد “قوتها” من شعارات جوفاء لا تمت للواقع بصلة. وهنا تأتي الطامة الكبرى، حين يبررون عبثهم هذا باسم القصر الملكي، وكأنهم مفوضون بسلطة غير مرئية تتيح لهم العبث بممتلكات المغاربة كما يشاؤون. والحال أن القصر بريء منهم، براءة الذئب من دم يوسف، لكنهم يستمرون في استغلال جهل بعض الناس وحذر البعض الآخر ليصنعوا حولهم هالة من النفوذ الوهمي، تتيح لهم التصرف وكأنهم فوق أي مساءلة.

بل إن الكوميديا السوداء تصل ذروتها عندما نعلم أن شخصية بحجم رئيس الوداد البيضاوي، وبرلماني “قد الدنيا”، ورئيس جماعة المحمدية نفسه، لم يستطع أن يفرض القانون على هؤلاء. لقد زار المكان، حاول التحرك، وربما حتى رفع صوته قليلاً، لكنه في النهاية لم يتمكن من إزالة حواجز العار، وخرج من المعركة صفر اليدين، ليظل السؤال مطروحًا: هل فعلاً سلك المساطر القانونية، أم أن صخب الرياضة شغله عن متابعة هذه القضية حتى النهاية؟ أم أنه أدرك أن المواجهة مع هذا النوع من “المحميين” تتطلب أكثر من مجرد زيارة ميدانية وتصريح مقتضب؟

وفي النهاية، لا يسعنا إلا أن نتساءل: إلى متى سيظل العبث مستمرًا؟ إلى متى سيُترك المجال لبعض المتغطرسين ليتصرفوا وكأنهم فوق الدولة؟ إننا نقولها بكل وضوح، ونناشد جلالة الملك أن يضع حدًا لهذا اللعب الطفولي، أن يُعطى القانون وزنه الحقيقي حتى لا يتحول البلد إلى مساحة مفتوحة للسيبة أكثر مما هي عليه الآن. لأن ما يحدث ليس مجرد تجاوز صغير، بل هو نموذج مصغر لفوضى أكبر، حيث يصبح كل شيء مباحًا لمن يملك القوة والنفوذ، وحيث يتحول الملك العمومي إلى ضيعات شخصية، وحيث يُقصى المواطن العادي من حقه في شواطئ بلاده كما يُقصى من أشياء أخرى كثيرة…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.