“اتصالات المغرب”.. منجم ذهب للإدارة ومستنقع للموظفين!

ضربة قلم
معلوم أن “اتصالات المغرب” تمخضت عن “بريد المغرب” وتمخضت أيضًا عن العجب العجاب، واسمه عبد السلام أحيزون، الرجل الذي أبدع في حصد لغة الأصفار شهريًا حتى صار الرقم فلكيًا، متجاوزًا حدود المنطق والعقل. لكن دعونا لا نقتصر على الفرد ونلتفت إلى المؤسسة، وإلى أكثر من 10 آلاف مستخدمة ومستخدم وجدوا أنفسهم مرغمين على العيش في عالم الخوصصة، وكأنهم دخلاء في شركة كان من المفترض أن تكون لهم سندًا.
بعد الحوارات الاجتماعية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وبعد جولات التفاوض التي غالبًا ما تشتهر بإقصاء المتقاعدين، لم يتغير الكثير. واقع الحال يؤكد أننا أمام مؤسسة تحقق أرباحًا خيالية، ومع ذلك، تمارس “الحكرة” بامتياز على العاملين بها، خاصة فيما يتعلق ببطء الترقيات التي أصبحت أسطورة تُحكى ولا تُرى. فبينما تُوزّع المكافآت في الطبقات العليا، يبقى المستخدم البسيط عالقًا في مكانه، ينتظر الفرج كمن ينتظر المطر في صحراء قاحلة.
أما عن الترقيات الاستثنائية، فهي أشبه بكنز مخفي، من يصل إليه؟ ربما أحد العارفين بأسرار الشركة، أو من يحظى بمباركة عليا. ومع ذلك، فالمستخدمون يواصلون عملهم بجد، يحققون الأرباح، يسدون الثغرات، يطورون الخدمات، لكن حين يأتي وقت التقدير، يجدون أنفسهم في آخر الطابور.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يمتد إلى ضرورة إقرار قوانين شفافة للارتقاء المهني، وربط تطور المسار المهني بالمهام الفعلية المنجزة على أرض الواقع، بدلًا من الاعتماد على معايير غير واضحة، أو “اختيارات انتقائية” تثير الشكوك. وبالطبع، لا ننسى المطالب العادلة بمنح مردودية عادلة، تتناسب مع الجهود المبذولة، وكذلك الزيادات المنصفة في منحة النقل والسكن وعيد الأضحى.
أما الحديث عن ممثلي الأجراء، فهو حديث ذو شجون. هؤلاء الذين من المفترض أن يكونوا صوت المستخدمين، يجدون أنفسهم في أغلب الأحيان مكبلين ببيروقراطية قاتلة، بلا وسائل فعالة تمكنهم من الدفاع عن زملائهم. فهل هذا مقصود؟ سؤال نتركه برسم التأمل.
وما يزيد الطين بلة، أن هناك ملفات ترقية متوقفة منذ عقود، وكأن الزمن قد تجمد عند لحظة معينة. موظفون أكملوا 20 أو 30 سنة في نفس الإطار، دون تغيير، دون تقدير، دون نظرة عادلة. في المقابل، هناك من يصعد بسرعة الصاروخ، ربما لأنه يملك مفاتيح خفية أو علاقات خاصة.
في النهاية، تظل “اتصالات المغرب” مؤسسة تتباهى بأرباحها وتوسعها، لكنها في المقابل تتناسى أن وراء كل هذا النجاح جيشًا من المستخدمين والمستخدمات الذين يستحقون الإنصاف قبل أن ينفد صبرهم. وربما، حينها، سنشهد تحركًا أقوى وأوضح، حيث لا ينفع حينها الخطاب المعسول، ولا الوعود الزائفة. فإلى متى تستمر هذه السياسة الإقطاعية في زمن يفترض أنه حديث؟