استقالات تهزّ جماعة صفرو… وطرد اتحادي يزيد المشهد احتقاناً

ضربة قلم
تعيش جماعة صفرو على وقع أزمة سياسية غير مسبوقة، بعد أن قدّم ستة من أعضاء المعارضة استقالاتهم الجماعية من المجلس، في خطوة وُصفت بأنها «صرخة غضب» ضد ما اعتبروه انسداداً في أفق التدبير المحلي وتعثراً في تنفيذ المشاريع التنموية التي وُعد بها السكان.
الاستقالات، التي شملت أسماء من أحزاب متعددة، كشفت عمق الخلافات داخل المجلس، ووضعت رئيس الجماعة المنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، في موقف حرج، خصوصاً بعد أن سبق للمستقيلين أن راسلوا عامل الإقليم مطالبين بتفعيل مسطرة العزل في حقه، بسبب ما وصفوه بـ«تضارب المصالح» و«الشلل الإداري» الذي أصاب الجماعة.
وينتمي المستقيلون إلى ألوان حزبية مختلفة، حيث جعلت هذه التعددية الحزبية الخطوة تتجاوز الحسابات الضيقة، وتعبر عن إحباط عام من أداء المجلس الذي فقد، بحسبهم، كل دينامية أو رؤية واضحة.
غير أن ما زاد المشهد توتراً هو ما تلا هذه الاستقالات من تطور داخل البيت الاتحادي، إذ قرّر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية طرد أحد أعضائه المستقيلين من الجماعة، متهماً إياه بالتصرف بشكل «انفرادي وغير مسؤول»، دون الرجوع إلى الأجهزة الحزبية، وفق ما أكده مصدر إعلامي. القرار الحزبي، الذي اتُّخذ بسرعة غير معتادة، فُسّر من طرف مراقبين بأنه محاولة من القيادة الاتحادية لاحتواء تداعيات الموقف وحماية صورة الحزب من أي تأويل سياسي.
العضو المطرود، الذي كان من أبرز الأصوات المنتقدة داخل المجلس، يرى المقربون منه أن الحزب تسرّع في اتخاذ القرار، وأن الاستقالة كانت موقفاً سياسياً مشروعاً في ظل غياب أي مؤشرات على التغيير. أما داخل صفوف الاتحاد، فقد انقسمت الآراء بين من يعتبر الطرد إجراءً تأديبياً عادياً، ومن يرى فيه نوعاً من التضحية بالكبش السياسي لتفادي الحرج أمام الرأي العام…
وإلى جانب هذا السجال السياسي، يعيش بعض المستقيلين متاعب قضائية بعد إدانتهم ابتدائياً في ما يعرف بـ”ملف الشيك الانتخابي”، بعقوبات تراوحت بين أربعة وستة أشهر حبسا نافذاً، في انتظار جلسة الاستئناف المرتقبة بمحكمة فاس يوم 21 أكتوبر الجاري.
بهذه التطورات المتشابكة بين السياسي والقضائي والحزبي، تبدو جماعة صفرو نموذجاً مصغراً للأزمة التي تطبع التدبير المحلي في عدد من المدن المغربية، حيث تتداخل الحسابات الشخصية مع صراعات الأحزاب، ويضيع وسطها همّ الساكنة ومطالبها التنموية.
الاستقالة الجماعية هنا لم تكن نهاية ولاية عادية، بل إعلاناً صريحاً عن فشل تجربة، وعن حاجة ملحّة إلى مراجعة عميقة لآليات التسيير ومفهوم المسؤولية في المؤسسات المنتخبة.




