الاحتلال غير المُسلّح: مهاجرون بالدار البيضاء يسيطرون… والسلطة تخرج من الكوما القانونية!

ضربة قلم
قبل يومين فقط، نشرنا مقالة بعنوان “لسنا عنصريين، لكن للصبر حدود”، وقد كنا نظن وقتها أننا نبالغ قليلًا. لكننا كنا في الحقيقة متأخرين بخطوة. فالميدان سبقنا إلى الحقيقة المرة: نحن لسنا أمام أزمة هجرة فقط، بل أمام تمردٍ معلن على القانون، على النظام، وعلى أعصاب البيضاويين.
عادت السلطات المحلية بالدار البيضاء، أخيرًا، لشنّ حملة واسعة تستهدف الانتشار الفوضوي للمهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول جنوب الصحراء. تعليمات صدرت من ولاية جهة الدار البيضاء – سطات، تطالب عمّال المقاطعات بالتحرك العاجل، خصوصًا قرب إشارات المرور، محطات الترامواي، ومحيط المحطة الطرقية أولاد زيان.
لكن المفاجأة؟ الردّ لم يكن طلب تسوية أو لجوء إنساني. بل تمرد ميداني!
نعم، بعض هؤلاء “اللاجئين” تصرّفوا وكأنهم أصحاب الأرض، وكأنهم دخلوا المملكة بدعوة رسمية موقعة ومختومة بخاتم المخزن!
وفي مشهد سريالي لا يحدث إلا في أفلام ما بعد نهاية العالم، تحوّلت مقبرة الشهداء إلى ما يشبه الثكنة المفتوحة. خيام، نار مشتعلة، استهلاك علني للمواد المخدرة، بل وترويج لها في بعض الحالات، وكأننا في منطقة خارجة عن القانون.
السلطات المحلية نشرت قوات المساعدة لمنع هؤلاء من احتلال نفس النقط مجددًا، لكن المعركة ليست سهلة. فـ”الضيوف” تعودوا على الوضع، ويرفضون العودة إلى بلدانهم أو حتى الانضباط للقانون المغربي. ما يحصل ليس فقط احتلالًا ميدانيًا، بل صفعة لهيبة الدولة، واختبار حقيقي لمدى قدرة المغرب على فرض سيادته في شوارعه، لا فقط على حدوده.
البيضاويون لم يعودوا يحتملون. فوضى في كل زاوية، مناوشات، شجارات ليلية تصل أصداؤها إلى العمارات، بل وتورط في بعض أعمال السرقة والاعتداء، بحسب شهادات السكان المجاورين لمحطة أولاد زيان.
تساهلنا كثيرًا، وها نحن نحصد تمردًا بلا هوية ولا عنوان. هؤلاء لم يطلبوا اللجوء وفق القنوات القانونية، ولم يحترموا حتى الضيافة الشعبية التي قوبلوا بها في البداية. بل قرروا أن يفرضوا أسلوب حياتهم بالقوة، حتى لو اقتضى الأمر مواجهة رجال الأمن بالحجارة والسكاكين!
هل كان يجب أن تصل الأمور إلى هذا الحد كي تتذكّر السلطة أن عندنا قانونًا، وأن الأمن ليس ترفًا؟
هل بات على البيضاوي أن يعيش بين خيارين: الخوف أو العنصرية؟
لا نريد أن نكون عنصريين، ولسنا كذلك. لكننا نرفض أن نكون ضحايا “حقوق إنسان” تُفرض علينا بالقوة، من أشخاص لم يحترموا لا الإنسان ولا القانون.
السلطات تتحرك اليوم، وهذا جيد. لكن إن لم تُحسم المعركة قانونيًا، وبشكل نهائي، فسنستفيق غدًا على “جمهورية مستقلة في قلب البيضاء”، لها نظامها، ولغتها، وميليشياتها، وشوارعها المحررة من أي سيادة.
لسنا عنصريين، لكن… إلى متى سنبقى نتلقى الضربات ونحن نعتذر؟
الهجرة حق إنساني، نعم. لكن الكرامة الحضرية، والنظام، والأمن، والنظافة، والسكينة، هي أيضًا حقوق مشروعة للساكنة.
ولا يمكن أن نحمل المواطنين عبء ما عجزت عنه السياسات العمومية، ولا يمكن للدار البيضاء أن تتحول إلى مخيم مفتوح بلا ضوابط، وبلا أفق.