الاقتصاد فالمغرب.. لي عندو عندو، ولي ماعندوش يشد الأرض!

ضربة قلم
عندما تفتح عينيك في المغرب، فأنت على موعد يومي مع العجائب! بلد يتفنن في إبهارك بقوانينه المتحولة، ومشاريعه الضخمة التي تبدأ ولا تنتهي، وأزماته التي تُناقش بحماس في المقاهي أكثر مما تُحل في المؤسسات الرسمية. هنا، حيث يجتمع التاريخ العريق مع تناقضات الحاضر، تجد نفسك تائهًا بين شعارات براقة وواقع يحتاج إلى نظارات شمسية لتخفيف وهجه!
في المغرب، الأزمة لا تمس الجميع، بل هي انتقائية جدًا، تضرب المواطن العادي في مقتل، بينما تجد المرتشين، سباحي اقتصاد الريع، وساسة آخر الزمن يزدادون ثراءً وراحةً! هادو ناس عايشين فمغرب آخر، مغرب الفيلات، المشاريع لي كتحلب الميزانيات، والسفريات لي كتقام بفلوس ضرائب المواطن لي مازال كيسوّل واش غدا يقدّر يشري قنينة زيت بلا ما يضحي بجزء من كرامتو!
أما المفارقة الكبرى، فهي في واحد الوزير “الكْلُونْ”، كيسحاب ليه أذكى من الشعب، يعطيه دروس فالحكامة، وكيردد كلمات بحال “الإصلاح”، “العياقة الفارغة”، و”أنا وحدي نضوي لبلاد” و”العلمانية ديال آخر الزمن” وكأن المغاربة لا يعرفون تاريخه! وهو في الحقيقة ماشي غير بعيد على يكون أداة فإيد المخزن، مخلي ليه حرية يمارس حماقات مجانية، يغرق السوق فالكلام الخاوي، باش المخزن يحقق غاية فخاطرو، وعندما تنتهي المهمة، غادي يكتشف المعني بالأمر – بلا سابق إنذار – أنه كان مجرد ورقة كلينيكس استُعملت وتم رميها فالأزبال!
ما عارفينش واش هاد الوزير كيحلم ولا فحالة إنكار، ولكن لي خايفين منو هو كيفاش غيكون مصيرو فالمارستان السياسي، لأن الواقع كيبين أن لي سبقوه فهاد الدور ما عمّرهم ما خرجو منو سالمين!
السياسة.. مسرح بلا ستار
في المغرب، السياسة ليست مجرد لعبة، بل هي مسلسل طويل بفصول غير متوقعة. في كل موسم، تجد شخصيات جديدة، ووعودًا أكثر جاذبية من عروض “الجمعة السوداء”، لكن التنفيذ؟ “بْرُوجِيكْتْ إِينْ كُورْ” كما يقول التقنيون! الحكومات تأتي وترحل، والشعارات تتبدل، ولكن المواطن المغربي يبقى المشاهد الأبدي، يتابع العرض بين الضحك والسخرية والتساؤل: متى الحلقة الأخيرة؟
الاقتصاد.. المليارديرات، المرتشون، وساسة آخر الزمن لا يعرفون الأزمة!
في المغرب، حين يسمع المواطن العادي كلمة “أزمة”، فهو يستعد لجولة جديدة من ارتفاع الأسعار، وزيادة الضرائب، ووعود حكومية تدعوه إلى “شد الحزام” حتى يكاد يختفي خصره من شدة التقشف! لكن الغريب في الأمر أن هناك فئة لا تتأثر بالأزمات، بل على العكس، تزدهر كلما زاد الوضع سوءًا.
المليارديرات، المرتشون، وساسة آخر الزمن هم نجوم هذا المشهد الاقتصادي الغريب. فبينما يقضي المواطن وقته في البحث عن أرخص زيت أو أقل دجاجة وزنًا، تجد هؤلاء يضاعفون ثرواتهم بفضل صفقات مشبوهة، ومشاريع لا تكتمل، وامتيازات سخية في اقتصاد الريع الذي يجعلهم يعيشون فوق السحاب، بعيدًا عن تقلبات الأسواق ومعاناة الناس.
أما رجال السياسة، وخاصة من فئة “آخر الزمن”، فهم يتقنون فن إدارة الأزمات لصالحهم. فكل ارتفاع في الأسعار هو فرصة لزيادة المكاسب، وكل احتجاج شعبي هو مناسبة لعقد صفقات جديدة تحت الطاولة، وكل وعود بالإصلاح هي مجرد دخان لإلهاء الرأي العام.
الجميل في الأمر أن هؤلاء لا يشعرون بأي حرج! فبينما يخبرون الشعب أن “الأزمة عالمية”، تجدهم يركبون أحدث السيارات، ويسافرون في الدرجة الأولى، ويتفاخرون بممتلكاتهم التي تتضخم بوتيرة أسرع من أسعار المحروقات!
أما المواطن المغربي، فقد أصبح خبيرًا في فك شيفرات هذه المسرحية المتكررة، لكنه للأسف يبقى المتفرج الوحيد الذي يدفع ثمن التذكرة من جيبه، بينما يجني الأبطال الأرباح في الكواليس!
النقل.. رحلة في الزمن!
إذا كنت من عشاق السفر عبر الزمن، فما عليك سوى ركوب حافلة نقل عمومي، حيث يمكنك أن تعيش تجربة تعود بك إلى العصر الحجري! المقاعد المتآكلة، الزحام الذي يحوّلك إلى “سردين معلب”، والتأخير الذي يجعل من كل رحلة مغامرة غير مضمونة العواقب. أما إذا كنت تفضل سيارات الأجرة، فعليك أن تتمتع بمهارات التفاوض، وإلا ستجد نفسك تدفع تعريفة تغطي سعر النفط في السوق العالمية!
الصحة والتعليم.. قطاعان في العناية المركزة!
في المستشفيات، المرضى ليسوا بحاجة فقط إلى علاج، بل إلى صبر أيوب، حيث المواعيد الطبية قد تصلك بعد أن تُشفى أو تموت! أما المدارس، فهي تمرين على الصبر، حيث يمكن للتلميذ أن يخرج منها دون أن يتقن اللغات، لكنه بالتأكيد سيصبح خبيرًا في التعامل مع الإضرابات والخصاص في الأساتذة.
لكن رغم كل شيء.. نحبك يا مغرب!
ورغم هذه الفوضى الساحرة، يبقى المغرب وطنًا لا يمكنك إلا أن تحبه. ففي زواياه تختبئ لحظات من الفرح البسيط، وكرم شعب يعوض كل نواقص الدولة، وابتسامة لا تهزمها الظروف. هنا، حيث الشعب هو البطل الحقيقي، يقف رغم كل شيء، ويواصل العيش بحكمة مفادها: “الحياة صعيبة، ولكن حنا صحاب النكتة ما كاينش بحالنا!”
ويبقى السؤال الأبدي: هل المغرب بلد المتناقضات أم أنه ببساطة بلد يفهم الحياة بطريقة مختلفة؟