مجتمع

البراق وكأس العالم: عندما يصبح المغاربة مجرد “حواجز” يجب إزالتها!

 ضربة قلم

 نحن لا نتحدث هنا عن القطار فائق السرعة كمعجزة تكنولوجية أو كأس العالم كفرصة ذهبية لرفع راية المغرب عاليًا، بل عن الوجه الآخر لهذا “التقدم” الذي يدفع ثمنه المغاربة العاديون، أولئك الذين لم يكن لهم حظ في “السرعة الفائقة” ولا في “المجد الكروي”، بل في التشريد الفائق والوعود المجمدة!

البراق: قطار السرعة… وطرد الناس بسرعة البرق!

هل تتخيل أن تستيقظ يومًا ما لتجد أن منزلك لم يعد منزلك؟ أن الأرض التي ورثتها عن أجدادك، والتي عشت فوقها سنوات طويلة، أصبحت فجأة جزءًا من مشروع البراق، وعليك أن تحزم أمتعتك – إذا كنت محظوظًا بما يكفي لتأخذها – وترحل، دون أن تعلم إلى أين؟ لا تقلق، فالمسؤولون لديهم إجابة جاهزة: “نزع الملكية للمنفعة العامة”. ولكن المنفعة لمن؟ هذا هو السؤال الذي لا نجد له جوابًا!

نزع الملكية في المغرب لم يكن يومًا قرارًا شفافًا أو عادلًا، بل هو ورقة تُستخدم متى شاءت الدولة لتحقيق مشاريعها، حتى لو كان ذلك على حساب المواطنين الذين يكتشفون فجأة أنهم باتوا في العراء، ينتظرون تعويضات قد لا تأتي أبدًا، أو تأتي بعد سنوات طويلة، بقيمة لا تكفي حتى لشراء كوخ قصديري في ضواحي المدن الكبرى.

المفارقة أن نزع الملكية لا يتم دائمًا لصالح مشاريع ذات منفعة عامة حقيقية. نعم، قد يكون القطار فائق السرعة مشروعًا استراتيجيًا، لكن هل كان لا بد من التضحية بمئات الأسر؟ ولماذا لا يتم احترام المعايير العادلة في التعويضات، ولماذا يُترك المواطنون لمصيرهم بينما تُرصد الملايير للمشاريع؟

كأس العالم: عندما تصبح “المنشآت” أهم من البشر

المغرب مقبل على استضافة كأس العالم 2030، وهذا شرف كبير، لكن الشرف الحقيقي هو أن يكون المواطن جزءًا من التنمية، لا ضحيتها. في الماضي القريب، كنا ومازلنا نشاهد كيف يتم تشريد سكان أحياء فقيرة أو مناطق يقال إنها عشوائية بسبب مشاريع تجميل المدن، لكن اليوم، انتقلنا إلى مستوى أعلى: نزع الملكيات لطريق البراق، ولبناء ملاعب وفنادق، ولتزيين مدننا، دون أن يكون هناك أي اعتبار لمن كان يسكن تلك الأراضي قبل أن تتحول إلى ساحات لاستقبال السياح والمباريات.

أليس غريبًا أن تُصرف الملايير على مشاريع رياضية، بينما لا تزال هناك مستشفيات بلا معدات، ومدارس بلا أساتذة، وأحياء بلا صرف صحي؟ هل الأولوية حقًا للمنشآت الرياضية أم لحياة الناس الذين يدفعون الضرائب لتمويل هذه المشاريع؟

التعويضات: السرعة الفائقة في الطرد… والبُطء الشديد في الدفع!

الطريف في الأمر، أو لنقل المأساوي، أن عملية “الإخلاء” تتم بسرعة تفوق سرعة البراق نفسه، بينما تُصرف التعويضات بوتيرة أبطأ من حافلة نقل عمومية تتوقف كل 100 متر. وعندما تأتي هذه التعويضات، نجد أنها تُحسب بطريقة تجعلك تشعر وكأنك في مزاد علني حيث تكون الدولة هي المشتري الوحيد، وأنت البائع المغلوب على أمره!

السؤال هنا: لماذا لا يتم صرف تعويضات كافية تسمح للأسر بإيجاد مساكن بديلة تحفظ لهم كرامتهم؟ ولماذا تُحدد هذه التعويضات بناءً على استفزاز مفضوح وأسعار قديمة أو تقييمات غير عادلة؟

ما الحل؟ هل هناك حل أصلًا؟

الحل بسيط ومعقد في الوقت ذاته: أن يتم تنفيذ مشاريع التنمية دون أن تكون على حساب المواطنين. نعم، يمكن للمغرب أن يواصل بناء البنية التحتية والاستعداد لكأس العالم، ولكن ليس على حساب تشريد الناس وإلقائهم إلى الشوارع. يجب وضع آلية عادلة وشفافة لنزع الملكية، مع تعويضات تُصرف فورًا وبما يضمن العيش الكريم.

لكن، هل ستفكر الدولة في هذا الأمر، أم أن البراق سيواصل دهس أحلام المواطنين في سبيل “السرعة الفائقة”؟ وهل ستُقام الملاعب على أنقاض منازل الفقراء الذين لن يجدوا حتى شاشة تلفزيون يتابعون منها مباريات كأس العالم؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.