مجتمع

البروفيسور حسناء العماري: أيقونة طب العيون التي أعادت البصر والكرامة لآلاف المرضى بالمحمدية والمناطق المجاورة

ضربة قلم

في قلب المحمدية، المدينة التي تنبض بالحياة بين أمواج البحر الأطلسي ونبض الشرايين الصناعية والثقافية، حيث تتقاطع الأصالة والحداثة، برزت شخصية طبية استثنائية جمعت بين عبقرية العلم وسمو الأخلاق، وشكلت نموذجًا نادرًا للطبيب الإنسان… إنها البروفيسور حسناء العماري، أخصائية طب وجراحة العيون، وواحدة من أبرز الوجوه الطبية في المغرب.

تميز علمي ومهني رفيع

البروفيسور العماري ليست فقط طبيبة بارعة في مجالها، بل أيضًا أستاذة جامعية سابقة بكلية الطب بالدار البيضاء، حيث ظلت تُشرف على تكوين الأجيال الجديدة من الأطباء، وتُساهم في بناء كفاءات مغربية قادرة على حمل مشعل الطب الحديث بأخلاقياته العالية. وقد عرفت العماري بين طلبتها وزملائها بتواضعها، وصبرها، وحرصها على تبسيط أعقد المعلومات الطبية دون أن تفقدها عمقها الأكاديمي.

ما يميز مسارها المهني هو دمجها البديع بين البحث العلمي والممارسة الطبية اليومية، حيث ظلت وتظل على اتصال دائم بأحدث التطورات في طب وجراحة العيون، وتُطبقها بعناية ودقة في عملها، مما جعلها مرجعًا على الصعيد الوطني وحتى الإقليمي في هذا التخصص الدقيق.

المصحة المتخصصة… منارة أمل لآلاف المرضى

غير بعيد عن ضجيج المدن الكبرى، وفي المحمدية الهادئة والمتمددة عمرانيًا، تأسست مصحة العيون التي تُشرف عليها البروفيسور حسناء العماري إلى جانب زميل لها، حيث تُعتبر اليوم المتنفس الوحيد لآلاف المواطنين من المحمدية، بنسليمان، بوزنيقة ومحيطها، ممّن كانوا في الماضي مضطرين للتنقل إلى الرباط أو الدار البيضاء بحثًا عن علاج تخصصي في أمراض العيون.

هذه المصحة، التي أُسّست على معايير علمية وإنسانية دقيقة، لا تُوفر فقط الفحوصات الطبية والتشخيص الدقيق، بل تُعد مرجعًا لإجراء جراحات العيون المعقدة، مثل عمليات الشبكية، والماء الأبيض (الساد)، وتصحيح البصر، وزراعة العدسات، وغيرها من التدخلات الدقيقة التي تتطلب مهارة وخبرة كبيرة.

وقد أصبحت المصحة تُشكل اليوم ما يُشبه “حائط صد” في وجه معاناة التنقل والإرهاق النفسي والبدني الذي كانت تعانيه الفئات الهشة، خاصة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة. بفضل هذه المصحة، عادت الابتسامة إلى وجوه العديد من المرضى الذين كانوا قد فقدوا الأمل في الشفاء، وتحوّلت المحمدية من مجرد محطة عبور إلى وجهة علاجية موثوقة.

الطيبة والصرامة… خلطة العماري الإنسانية

ما يجعل البروفيسور حسناء العماري تحظى باحترام كبير لدى عموم المواطنين، ليس فقط مستواها العلمي الرفيع، بل أيضًا أخلاقها الراقية وحضورها الإنساني النادر. فهي لا تكتفي بتقديم الوصفة الطبية، بل تستمع بعمق إلى شكوى المريض، وتسعى إلى طمأنته ومرافقته نفسيًا خلال مختلف مراحل العلاج، مما يُكسبها ثقة لا تُقدّر بثمن.

ويحكي العديد من المرضى عن تجربتهم معها، مؤكدين أنها تُعطي لكل مريض وقته، وتتعامل مع الجميع على قدم المساواة، سواء أكان ميسورًا أو معوزًا. كما تُشارك أحيانًا في مبادرات إنسانية، ما يعكس روحها الوطنية والتزامها المجتمعي.

أملٌ للغد… ومصدر إلهام للجيل الجديد

إن مسيرة البروفيسور حسناء العماري تُعطي درسًا بليغًا لكل طبيب شاب، ولكل مسؤول صحي، مفاده أن الطب ليس فقط تقنية، بل رسالة. وأن المستشفى ليس مجرد بناية، بل فضاء للأمل، للكرامة، ولإعادة الإنسان إلى إنسانيته.

وقد نجحت العماري في أن تُحوّل مصحة بسيطة إلى مرجع صحي يُحترم على مستوى المنطقة، وأن تُحوّل مهنة الطب إلى فعل نبيل يتجاوز الوصفة والتشخيص، ليصبح مرافقة ودعما واحتضانًا… وفي كل هذا كانت نموذجًا للمرأة المغربية التي تُثبت يومًا بعد يوم، أنها قادرة على الريادة، والابتكار، وصناعة الفرق.

في الختام

في زمن يتزايد فيه الحديث عن تردي الخدمات الصحية وغياب الكفاءات في بعض المناطق، تبرز البروفيسور حسناء العماري كأيقونة أمل، وكشعلة تضيء الطريق أمام كل من يؤمن بأن المغرب يستحق الأفضل، وأن أبناءه قادرون على تقديم ذلك الأفضل، إذا وُفّرت لهم الظروف المناسبة والدعم الكافي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.