
ضربة قلم
في خطوة جديدة تُضاف إلى سلسلة من العمليات التي لا تتوقف عن إظهار «التزام» المؤسسات البنكية بشروط الشفافية، خضعت عمليات المراقبة والتتبع في مديرية الرقابة والإشراف البنكي التابعة لبنك المغرب لفحص دقيق في الأيام الأخيرة، وخصوصاً مع اقتراب شهر رمضان المبارك، الذي يشهد عادةً ارتفاعاً في عمليات الاقتراض، سواء لتمويل الاستهلاك أو غيره. العملية لم تقتصر على مجرد مراجعة شكلية، بل استهدفت بالأساس الشروط المتعلقة بالائتمان، من أسعار الفائدة إلى العمولات وأوقات التسديد، في مشهد أشبه بفيلم رعب لمؤسسات الائتمان التي غالباً ما تتعامل مع زبنائها بمنطق “بخيل” على حد قول المتابعين.
وقالت المصادر المعنية إن هذا الفحص كان شاملاً، حيث تم تسليط الضوء على العديد من التفاصيل التي كانت في الغالب تلتبس على الزبائن، مثل الكشوف الحسابية، التي تحولت إلى “مفاجآت” في عيون من يقصد البنوك أو شركات القروض، حيث يتم احتساب العمولة وكأنها مسابقة بين البنوك على من يفرض أكثر. أما بالنسبة للائتمان، فكانت عمليات المراقبة تتأكد من مدى التزام هذه المؤسسات بالقوانين الوطنية، بما في ذلك القانون رقم 08.31 المتعلق بحماية المستهلك، وخاصة فيما يتعلق بحق التراجع الذي، من الواضح، يبدو أنه لم يكن في متناول اليد أو حتى في نظر الكثيرين.
إعلانات القروض كانت من ضمن العروض التي طالتها هذه المراجعة، خصوصاً تلك التي تتعلق بالقروض الاستهلاكية، حيث أُثيرت تساؤلات حول مدى مصداقية العروض المعلنة في ظل وجود “إعلانات مضللة”، كما وصفها المراقبون، والتي كانت تحتوي على تفاصيل مشوشة حول نسبة الفائدة والرسوم المستحقة ومدد الاستحقاق. الأمر الذي قد يوحي بأن هذه الشركات تسير في نهج “البيع” دون أي اعتبار لحماية حقوق المستهلك. وهكذا، فإن التقارير التي يتم إعدادها في هذا السياق، من المرجح أن يتم تحويلها إلى الجهات المعنية من أجل اتخاذ التدابير اللازمة، بما في ذلك إصدار إنذارات أو فرض غرامات على المخالفين.
وفيما يرتبط بمطالب جمعيات حماية المستهلك، يبدو أن بنك المغرب استجاب لهذه الملاحظات من خلال دراسة جدوى للقانون 01.22 الذي يخص مكاتب المعلومات الائتمانية، مما يتيح للبنوك وشركات القروض الحق في تقييم ملاءمة العملاء بناءً على سجلاتهم الائتمانية، مما يفتح المجال لتحسين الشفافية، لكنه في ذات الوقت يعزز من الضغط على الأفراد الذين قد يواجهون تزايداً في صعوبة الحصول على تمويل.
بالمجمل، يبدو أن المراقبة البنكية تتجه إلى أن تكون أكثر تشدداً، مع تزايد الشكاوى ضد بعض المؤسسات التي يبدو أن همها الأكبر هو زيادة أرباحها عبر عرقلة حقوق المستهلكين في بعض الأحيان، بينما يزداد إقبال الأسر على الاقتراض بشكل مضطرد مع اقتراب شهر رمضان، إذ قفزت قروض الاستهلاك بنحو 1.4% لتصل إلى 58.2 مليار درهم في نهاية السنة الماضية.