مجتمع

التبرعات العشوائية في المساجد: بين الحاجة الملحة وشبهات الاحتيال

ضربة قلم

شهد المسجد العتيق بالقصبة في المحمدية حادثة مثيرة للجدل، حيث استغلت سيدة مكان صلاة النساء لجمع تبرعات لسيدة مريضة، مما أثار الشكوك حول مصداقيتها. يأتي ذلك في ظل وجود مساطر قانونية واضحة حددتها وزارة الداخلية لتنظيم عمليات جمع التبرعات، والتي تفرض الحصول على ترخيص مسبق من الجهات المختصة، سواء تعلق الأمر بجمعيات أو أفراد. وقد صادق المجلس الحكومي على مشروع مرسوم ينظم هذه العمليات، مع إحداث لجان لمراقبتها على المستويات المحلية والوطنية.

هذه الحادثة تسلط الضوء على ظاهرة متكررة في المجتمع المغربي، حيث يستغل البعض المناسبات الدينية والأماكن العامة لجمع التبرعات بشكل غير قانوني، مما يفتح الباب أمام شبهات الاحتيال. المشكلة تتجاوز مجرد حالة فردية إلى أزمة ثقة بين المواطنين والمبادرات الخيرية، خاصة في ظل تزايد الأخبار عن شبكات منظمة تستغل عواطف الناس لمصالح شخصية.

القانون 18.18 جاء ليضع حداً لهذا العشوائية، لكنه يطرح تحدياً كبيراً في تنفيذه على أرض الواقع. فمعظم عمليات جمع التبرعات غير المرخصة تتم في أماكن يصعب ضبطها، مثل المساجد أو الأسواق أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وهنا يبرز السؤال: كيف يمكن تحقيق التوازن بين تسهيل العمل الخيري وضمان الشفافية والمحاسبة؟

من جهة أخرى، على الدولة تعزيز الوعي لدى المواطنين بضرورة التبرع فقط عبر القنوات الرسمية، وتكثيف الرقابة على عمليات الجمع العشوائي. فغياب الثقة في الجهات الرسمية يدفع البعض إلى اللجوء لمبادرات غير موثوقة، مما يضعف فرص العمل الخيري الحقيقي.

الحل لا يكمن فقط في القوانين والعقوبات، بل في خلق بيئة تشجع على العمل التطوعي المنظم، وتقديم تسهيلات للجمعيات الجادة، مع محاربة الدخلاء الذين يحوّلون العمل الخيري إلى تجارة مربحة. فالتبرع يجب أن يكون عملاً نبيلاً، لا وسيلة للغش والتلاعب بمشاعر الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.