دفاتر قضائية

التزوير في أرض المال: كيف سُرِقَ مصنع النسيج، وتُرِكَتِ الديون تلاحق الجميع!

ضربة قلم

تخيّل معي السيناريو التالي: في محكمة الاستئناف بالجديدة، حيث لا مكان للصمت، إلا إذا كان هناك “قاضي التحقيق” الذي قرر أن يجعل من قضية بيع مصنع النسيج الكبرى عرضاً مسرحياً، تشهد فيه شخصيات متنوعة، تراوح بين “المستثمر الأردني” الذي يريد بيع مصنعه “لإطفاء ديونه” وبين “الموثق” الذي يبدو أنه كان في أحد الأيام مؤرخاً للديون، وبعدها أصبح مهندساً للصفقات المشبوهة. وأما الضيفين الآخرين، فهما المستثمران “الأردني والتركي”، اللذين يبدو أن مهمة حياتهما في هذا المشهد هي إحضار وُثائق مزوّرة كإثبات لشرعية الصفقة. فماذا ننتظر أكثر من هذا؟

من حيث الفكرة، البيع كان عادياً جداً! صاحب المصنع، الذي كان يعتقد أنه سيدفع فقط جزءاً من ديونه المتراكمة (والتي تصل إلى أكثر من 40 مليار سنتيم)، قرر أن يبيع المصنع لمستثمرين من “شباب العالم”، أردني وتركي، من أجل تحقيق حلم إنقاذ المصنع. ومن ثم، في جلسة إبرام العقد، قيل لهما بوضوح: “اعملا حسابكما، من الضروري أن تقضيا على الديون القديمة قبل أن تتم الصفقة، ويجب أن تدفعا مستحقات العاملين”. هل كانت هذه “الوثيقة” التي وقع عليها الجميع تعكس ذلك؟ بالطبع لا، لأنه في بعض الأحيان… “الحسابات الحسابية” يمكن أن تُكتب بأحرف غير واضحة، فيحصل التزوير بشكل غير مباشر ولكن بشكل مؤثر.

الغريب أن الصفقة تُوّجت بحضور الموثق (الذي ربما كان يعتقد أن دوره فقط هو التوقيع على الأوراق، وليس فحص محتوى الصفقة بأكملها) لكنه لم يقم بملاحظة شيء غريب؟ أو ربما كان له “شخصياً” ديونه التي تطارده، فسهل له أن يكون جزءاً من “الصفقة الكبيرة”! لكن، في غياب التفاصيل الدقيقة، مثل التلميحات حول الديون المستحقة على المصنع، وُظِّف هذا التزوير كأداة لتمرير الصفقة. وفيما بعد، فوجئ الجميع، من بينهم المحامي، بتزوير الوثائق التي تعتبر “مزورة رسمياً”، وكأنهم يكتبون في رواية عن مغامرة في محكمة، حيث يتم التلاعب بالأقدار والأموال كما لو أنها أوراق نقدية ضائعة.

هذه الحكاية المذهلة عن الديون والتزوير لا تقتصر على أصحاب المصنع فقط، بل تلاحق أيضًا المستثمرين، السلطات المحلية، شركات التمويل، وكل من يشارك في اللعبة الكبيرة. فهل يعقل أن من دون إشارة واضحة على التزامات الدين، فإن الصفقة كانت “شرعية”؟ الجواب البسيط هو: لا.

لكن في النهاية، علينا أن نسأل: كيف يمكننا تصنيف هذه الحيلة الكبرى؟ هل هي ضربة عبقرية في عالم المال؟ أم أن هؤلاء الموثقين، الذين كانوا يسحبون الجوازات مثل جواهر في سوق كبيرة، هم الذين أصبحوا في مرمى الاتهام بعد أن ظنوا أنهم ركبوا الموجة بنجاح؟

المستقبل القريب سيكون أكثر وضوحاً. ستُكشف الحقائق، ولكن مع هذه الحقائق، ستبقى الأسئلة كبيرة جداً، مثل “من يربح في النهاية؟”، لأن لعبة “التزوير” لم تكن مجرد صفقة. بل هي علامة على واقع مرير في بعض الأحيان، حيث المال هو من يكتب التاريخ، والنزاهة تظل في سلة الفشل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.