
ضربة قلم
ها هي الحكومة التي لا تكف عن مفاجأتنا، كما لو كانت في سباق مع الزمن، في وضع أكبر عدد من التعديلات القانونية الممكنة، وكأنها آخر حكومة في تاريخ المغرب! اليوم، فاجأنا رئيس الحكومة عزيز أخنوش بقرار جديد لا يُحسد عليه، وهو استعراض مخطط تنزيل القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة. وكأننا في مسرحية محكمة الإيقاع، حيث كان اللقاء مع الضيوف – الذين لم يفهموا تمامًا ماذا يحدث – في الرباط، لتحديد مصير مستقبل السجناء، بل وبالطبع تعزيز البيروقراطية وتكديس التعديلات القانونية!
الغريب أن الاجتماع نفسه، والذي تم “استعراض” فيه تقدم المشروع، كان يشبه تمامًا اجتماعًا لتحضير وجبة قانونية لم تكن لتُطهو في الوقت المناسب لولا أن حكومة أخنوش قررت تقديمها في أقرب وقت إلى المجلس الحكومي للمصادقة عليها! وكأن التعديلات القانونية أصبحت على قائمة الأولويات أكثر من قضايا أخرى قد تهم المواطن العادي! كل ذلك، بالطبع، بعد “دراسة متأنية” لعدة تجارب “مقارنة”، وكأننا نعيش في بلدان متقدمة بينما نحن في مرحلة التجريب على يد من يعتقدون أن هذه الحكومة هي آخر حكومة في التاريخ، وأنها ستُخلِّد مشروعها العقابي لتكون أول من يُطبق هذه العقوبات البديلة، التي ستشمل كل شيء تقريبًا من العمل لأجل المنفعة العامة إلى المراقبة الإلكترونية وتقييد الحقوق. هل ستكون هذه العقوبات بديلة؟ أم مجرد محاولة جديدة لتكرار ما هو موجود فعلاً؟
لكن، لا تتعجلوا بالحكم، فهذه العقوبات تُعتبر بمثابة “حل سحري” للمشاكل التي تعاني منها السجون، مثل الاكتظاظ! أليس هذا عبقريًا؟ وإذا فكرت للحظة في العبقرية وراء هذا المشروع، فستكتشف أنك تخطو خطوة مهمة نحو “تخفيف” العبء عن السجون، ولكن مع تضخيم العبء على المواطن البسيط الذي لا يعرف بعد ما ينتظره. فهل أصبحنا فعلاً في حاجة لعملية قانونية هي أقرب إلى “سحابة” فوقنا؟ هل نتوقع أن تفيض السجون بما يوازي المسلسلات القضائية التي لا تنتهي، ولكن في النهاية ينحصر “العقاب البديل” في مجموعة من الإجراءات؟ العمل لأجل المنفعة العامة؟ مجرد كلمة جديدة لشكل من العقاب الذي يُختبَر على ضحايا آخرين. الغرامة اليومية؟ هل هي عصا جديدة لتقريع البسطاء!
ورغم كل ذلك، نجد أن “أخنوش” لم يترك فرصة دون التأكيد على أهمية هذه التعديلات، وكأن الحكومة في سباق مستمر لتسريع تنزيل المراسيم. ومع هذا التسارع في إصدار التعديلات القانونية، يظل المواطن في حيرة من أمره، غير مدرك تمامًا إلى أين سيأخذه هذا المسار البديل.