الحماية الاجتماعية في غرفة الإنعاش: إصلاحات على الورق وواقع يزداد اختناقا!

ضربة قلم
إذا كنتَ قد ظننتَ أن الدخول إلى المستشفى في المغرب يشبه زيارة فندقٍ خمس نجوم، فعليك بمراجعة حساباتك… أو بالأحرى، مراجعة رصيدك البنكي! فالرقم الذي قد يظهر لك في فاتورة العلاج قد يسبب لك أزمة قلبية أشد خطورة من المرض نفسه، خصوصًا عندما تكتشف أن كلفة العلاج في القطاع الخاص تفوق نظيرتها في القطاع العام بخمس مرات. لماذا؟ ببساطة، لأن البروتوكولات العلاجية الملزمة غائبة، والأطباء يعالجون وفق فلسفة “كل واحد وحنكته”، وهو ما يجعل التأمين الصحي الإجباري أقرب إلى قارب مثقوب وسط بحر من الفواتير الباهظة.
أما عن الدعم الاجتماعي المباشر، فالأمر يشبه مسابقة محظوظين لا أحد يعلم كيف يتم اختيارهم. التحقق من صحة المعطيات المقدمة لا يزال تحديًا، وهو ما يعني أن المستفيدين الحقيقيين قد يجدون أنفسهم في آخر الطابور، بينما يسبقهم البعض بفضل إتقانهم لفنون “التصريح الإبداعي”! وهكذا، يتحول الدعم الاجتماعي من وسيلة لمساعدة الفئات الهشة إلى لعبة حظ، قد تجعلك ثريًا بالصدفة أو تتركك تكابد الأوضاع كما أنت.
وبالحديث عن الحظ، فلنتحدث عن أنظمة التقاعد! فمع تراجع معدلات الولادة وتزايد عدد المتقاعدين، يبدو أن صندوق التقاعد يعيش مرحلة “رجيم قاسٍ”، حيث يستهلك أكثر مما يدخل إليه. الإصلاحات المقترحة تشبه وصفةً طبية لعلاج مريض في العناية المركزة: رفع سن التقاعد، توحيد الأنظمة، وخلق أنظمة تكميلية لمن استطاع إليها سبيلا… لكن السؤال هو: هل ستكفي هذه الوصفات لإنقاذ الصندوق من الإفلاس؟ أم أننا أمام مشهد كلاسيكي يتكرر، حيث يناضل الجيل الحالي لدفع معاشات الجيل السابق، على أمل أن يجد من يدفع معاشه في المستقبل، وهو أمل يشبه انتظار عودة الديناصورات!
أما التعويض عن فقدان الشغل، فهو يشبه إلى حد كبير “البحث عن كنز مفقود”. التحديات تشمل شروط أهلية معقدة، تعويضات لا تغطي حتى ثمن قهوة سوداء لمواجهة الصدمة، وصندوقًا يحتاج إلى تمويل مستدام، مما يجعل الأمر وكأنك تطلب من عاطل عن العمل أن يمول صندوق العاطلين عن العمل!
الخلاصة؟ يبدو أن ورش الحماية الاجتماعية يسير على خطى مشاريعنا التنموية الكبرى: عنوان ضخم، ووعود جذابة، وتحديات تبتلع الإنجازات كما يبتلع “الثقب الأسود” النجوم. فهل سنرى إصلاحات حقيقية تجعل المواطن البسيط يحظى برعاية صحية عادلة، ودعم اجتماعي لا يتطلب شهادة حسن سلوك بيروقراطية، ومعاشًا يسمح له بالتقاعد بكرامة؟ أم أننا أمام فصل جديد من قصة طويلة عنوانها: “انتظروا، الإصلاح قادم… ولكن بعد الفاصل!”