الخال الذئب في تيزنيت: صدمة، محاكمة، وأسئلة بلا أجوبة

ضربة قلم
الخال الذئب… جريمة صادمة تنفجر في قلب تيزنيت، حيث لم يكن الذئب غريبًا يتربص بالضحايا، بل فردًا من العائلة، تسلل إلى طفولة بريئة كان يُفترض أن يحميها. حكمٌ قضائي بالسجن عشر سنوات نافذة صدر في حق رجل أربعيني بعد ثبوت تورطه في اغتصاب ابنة شقيقته، ليكشف هذا الفعل الوحشي عن خلل مزدوج: وحشية خفية داخل الأسرة، وهشاشة منظومة الحماية التي يفترض أن تحرس طفولة المغرب من الانتهاك، حتى في أكثر الدوائر حميمية.”
أولاً: المعطيات الأساسية للقضية
تعود تفاصيل القضية إلى بداية السنة الجارية، حين تقدمت أم الطفلة، وهي شقيقة المتهم، بشكاية مباشرة إلى النيابة العامة، متهمةً شقيقها باغتصاب فلذة كبدها. تحركت النيابة العامة بسرعة وأعطت تعليماتها للشرطة القضائية من أجل فتح تحقيق في الموضوع. وتم الاستماع للأم في محضر رسمي، كما تم توقيف المتهم الذي أنكر في البداية التهم الموجهة إليه، قبل أن تكشف مجريات التحقيق والأدلة التقنية والطبية والقرائن القوية ارتكابه للجريمة.
ثانيًا: الخلفيات النفسية والاجتماعية
يُصنف هذا النوع من الجرائم ضمن أخطر الاعتداءات الجنسية، حيث لا يقتصر فيها الأذى على الفعل الجرمي في حد ذاته، بل يتعداه إلى تدمير الثقة الأسرية والانهيار النفسي للضحية. المعتدي في هذه الحالة لم يكن شخصاً غريباً بل من صلب العائلة، ما يفتح النقاش حول الانحرافات الجنسية داخل الأسر التي تلبس ثوب الحنان والحماية، لكنها قد تخفي ذئابًا بشرية.
في الأدبيات النفسية، يعتبر الاعتداء الجنسي على القاصرين من طرف الأقارب (inceste) من أعقد الحالات وأكثرها تدميرًا للضحية، حيث يولّد لديها صدمة نفسية مزدوجة ناتجة عن فعل الاغتصاب نفسه، وعن الخيانة العائلية التي تكون أشد وقعًا. وغالبًا ما ترتبط هذه الأفعال باضطرابات نفسية حادة كالانحراف الجنسي “البيدوفيليا” أو مشاكل سيكوباتية دفينة.
ثالثًا: الجانب القانوني والقضائي
قضت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بأكادير بالسجن عشر سنوات نافذة في حق الجاني، في تفعيل واضح لمقتضيات القانون الجنائي المغربي، الذي يُشدِّد العقوبات في حالات الاعتداء الجنسي على القاصرين، خصوصًا حين يكون الجاني من ذوي القربى، لما لذلك من تأثير مدمر على الضحية والأسرة.
ويُعاقب الفصل 485 من القانون الجنائي المغربي على هتك عرض قاصر بالعنف بعقوبة تتراوح بين 10 و20 سنة سجناً نافذاً، ويمكن أن ترتفع العقوبة إذا كان الجاني من أصول الضحية أو له سلطة عليها أو من المفروض أن يحميها.
رابعًا: وقع الجريمة على المجتمع المحلي
خلفت هذه الجريمة صدمة حقيقية ليس فقط داخل الأسرة المعنية، بل في أوساط سكان حيٍّ بأكمله في تيزنيت، خاصةً مع تداول تفاصيل القضية في الإعلام المحلي، ما جعلها حديث الشارع. وقد أبانت الواقعة عن ضرورة تعزيز ثقافة التبليغ وعدم السكوت عن الجرائم الجنسية داخل الأسرة، خصوصًا أن كثيرًا من الحالات تبقى طي الكتمان إما خوفًا من “العار” أو من أجل الحفاظ على تماسك العائلة.
خامسًا: مسؤولية المجتمع والدولة
هذه الجريمة تضع الجميع أمام مسؤوليات واضحة:
- الأسرة: يجب على الأسر أن تُراقب سلوك الأطفال بعناية وأن تزرع فيهم الثقة من أجل الحديث عن أي تصرف مشبوه.
- المجتمع المدني: عليه لعب دور الوسيط والداعم للضحايا من خلال المرافقة النفسية والقانونية.
- الدولة: مطالبة بتشديد العقوبات، وتوفير مراكز الإنصات والحماية، وإحداث سجلات وطنية لمرتكبي الجرائم الجنسية، خاصة تجاه القاصرين.
إن هذه الجريمة ليست مجرد رقم في سجل المحاكم، بل صرخة مدوية في وجه الصمت، وفي وجه البنية الذهنية التي تخجل من الحديث عن الاغتصاب داخل الأسرة، بل وتلوم الضحية أحيانًا. إنها دعوة للمجتمع المغربي للقطع مع ثقافة الإنكار، وفتح حوار وطني حول حماية الطفولة.