مجتمعسياسة

الدار البيضاء للبيع: مزاد العقارات العمومية تحت الطاولة

ضربة قلم

في مشهد جديد من مسرحية “الجماعة تبيع كل شيء”، يبدو أن مقاطعة سيدي بليوط على موعد مع عملية بيع جديدة لمناطق حساسة، لكن هذه المرة بأسلوب أكثر دراماتيكية. فبينما يتساءل المواطنون عن جدوى هذه الخطوة، يتفنن المسؤولون في فن تمرير الصفقات تحت الطاولة، وسط دهشة أعضاء المجلس الذين تم إشراكهم في الموضوع بنفس الطريقة التي يُشرك بها الجمهور في عروض السحر: بالمفاجأة والانبهار!

ففي قلب العاصمة الاقتصادية، حيث تقدر قيمة كل متر مربع من الأرض بأثمان تنافس الذهب، تقرر الجماعة ببساطة عرض بعض القطع الأرضية للبيع وكأنها تعرض أثاثاً مستعملاً في سوق “القريعة”. الأعضاء المنتخبون، الذين يفترض أنهم ممثلو السكان، تفاجؤوا بقرار البيع وكأنهم اكتشفوا فجأة أن الجماعة قررت بيع أراضيهم الشخصية، وهو ما دفعهم إلى إبداء اعتراضهم الشديد، لكن على استحياء، لأنهم يعلمون جيدًا أن صوتهم ليس سوى موسيقى خلفية في أوبرا العقار الكبرى.

وبحسب المعلومات المتداولة، فقد كان بيع هذه الأراضي أحد بنود جدول أعمال دورة فبراير، لكنه لم يُناقش بشكل رسمي بعد، لأن الجماعة تفضل تمرير الأمور المهمة خلف الستار قبل أن تصبح رسمية في الجلسة المقبلة. هذه الطريقة الجديدة في تدبير الشأن العام أصبحت أكثر شفافية… شفافية تجعل حتى زجاج النوافذ يبدو ضبابياً أمامها.

ويتساءل بعض المعارضين داخل المجلس عن السبب الحقيقي وراء هذا القرار، متسائلين عما إذا كان الهدف هو “الاستثمار” أم مجرد محاولة “لتحصيل بعض النقود” بسهولة، دون بذل أي جهد حقيقي لتنمية المدينة. فبيع العقارات العمومية هو بلا شك الطريقة الأكثر إبداعاً في جلب الأموال دون الحاجة إلى التخطيط أو العمل الجاد، تمامًا كما يلجأ بعض الكسالى إلى بيع أثاث منزلهم لتغطية نفقاتهم اليومية بدلاً من البحث عن مصدر دخل دائم.

ويبدو أن هذا القرار سيجعل من الجلسة المقبلة أشبه بحلبة مصارعة، حيث سيحاول أعضاء المعارضة رفع أصواتهم، في حين ستحاول الأغلبية إسكاتهم بعبارات مطمئنة من نوع “الأمور تحت السيطرة” و”كل شيء في صالح المدينة”. وبطبيعة الحال، ستكون النتيجة النهائية محسومة سلفاً، لأن من يملك القرار يملك أيضًا مهارة تحريك الخيوط بما يناسب مصلحة من يجلس في الكواليس.

وفي النهاية، قد لا يكون مفاجئًا إذا اكتشفنا في المستقبل أن الجماعة قررت بيع شوارع بأكملها، وربما حتى بعض المرافق العمومية، تحت شعار “نحو تنمية مالية مستدامة”. فبينما يحلم المواطنون بتحسين البنية التحتية وتطوير المدينة، يحلم البعض الآخر بحسابات بنكية ممتلئة وعقود موثقة، ويبقى السؤال الأهم: هل ستبقى الدار البيضاء ملكًا لسكانها، أم أنها مجرد سوق مفتوح لمن يدفع أكثر؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.