الزنزانة 10: أساتذة لا يُقهرون… فقط في قائمة الانتظار!

ضربة قلم
ها هم أساتذة “الزنزانة 10” يعودون إلى الساحة، يصرخون بأعلى أصواتهم، يتحدون المماطلة التي أصبحت تخصصًا حكوميًا، يتظاهرون أمام وزارة التربية الوطنية، كما لو أنهم لا يتعبون من رفع نفس الشعارات على مدار سنوات. اليوم، الخميس، دخلوا في مسلسل جديد من الاحتجاجات، وهذه المرة جاؤوا ليعبروا عن استغرابهم (وإن كان استغرابهم شيئًا أقل من الاستغراب العادي الذي نعيشه في هذا البلد) من تراجع الوزارة عن “التأويل الإيجابي” للمادة 81 التي كانوا يأملون أن تكون مفتاح ترقيتهم، مفتاح تحسين وضعهم المادي، وتحسين تكييفاتهم الاجتماعية، لكي يرقوا إلى الدرجة الأولى. ولكن “للأسف”، لو كان هذا البلد يعاقب على الطموح، لكانوا حصدوا الدرجة الأولى دون أن يتجاوزوا عتبة السلم 9.
المطالبة كانت بسيطة، تبدو عادية للغاية: تطبيق الحق، ليس أكثر. لكن لا، هذا بلد يملك “فنًا” فريدًا في تهريب الملفات؛ في كل مرة يفتح فيها ملف الترقية، يبدأ مسلسل الجدل “الحكومي”، الذي ينتهي بمراسلة رسمية من الوزارة تُخبر النقابات بوجوب “مراجعة” المادة 81 وإدراجها في جدول أعمال “جولة أبريل”. تخيلوا، جولة أبريل! مع أن هذه الجولات أصبحت في نظر البعض مجرد فصول دراسية في استعراض المماطلة، ولا شيء آخر. ما بين كل هذا، الأساتذة هم الحلقة المفقودة، حيث يظهرون وكأنهم قد انحصروا في سلسلة من الضغوط المتزايدة، بينما لا نجد سوى وعود “أبريل” التي تتراكم وتصبح مثل أكوام الأوراق على مكتب الوزير.
توجه الأساتذة نحو وزارة التربية الوطنية لم يكن مجرد تظاهرة، بل كان احتجاجًا على منطق المعاملات البيروقراطية التي تظل تدور في حلقة مفرغة. “المعركة ستطول” كما قالوا، لا شك في ذلك، طالما أن هناك من يتقن فن “إبقاء الأمور في الأدراج” لأكبر فترة ممكنة. فبالنسبة لهم، الترقية باتت حلمًا بعيد المنال، ليس لأنهم لا يستحقونها، ولكن لأن الوزارة، التي تستعرض قوتها بكتابات قانونية وأوامر رتيبة، لا تكترث إلى معاناتهم. إذ في بلدنا، إذا لم يكن لديك حظ في أن تكون صاحب علاقة مع أحد المسؤولين، أو في حال لم تكن لديك القدرة على الاحتجاج لمدة 14 عامًا أخرى، فلا تنتظر أن تحظى بالحق.
ورغم أن الأساتذة يؤكدون أن “المعركة ستطول”، إلا أن الأمل يكمن في أن يظهر أحدهم في اللحظة المناسبة ليقلب الطاولة، ليصرخ في وجوههم كما لو أنه يقول: “هل فهمتم أخيرًا؟”، لأن المطلب بسيط للغاية: “الوضوح في هذا الملف!” ولكن، ما دام كل شيء في بلدنا يحتاج إلى “مراجعة” و”جدولة” و”مناقشة”، فهذه المعركة قد تستمر أطول مما تتوقعون.