مجتمع

الساعة المسلوبة: من سرق وقتنا ولماذا؟

ضربة قلم

أهلًا بكم في حلقة جديدة من المسلسل السنوي الذي لا يملّ صانعوه من إعادة إنتاجه: “زيادة ساعة على توقيت المملكة، لأننا ببساطة نستحق المعاناة!”. في السادس من أبريل، وكأننا لا نعيش ما يكفينا من المفاجآت الغريبة، سنستيقظ على واقع جديد لم نختره، حيث ستسرق الدولة منا ساعة من النوم، وتلقينا في دوامة الزمن المختل.

حين يصبح النوم جريمة!

منذ سنوات، ونحن نعيش في نظام “الساعة المسلوبة”، حيث تقرر الدولة بلمح البصر أن تهب ساعة من أعمارنا لتضعها في بنك الوقت الضائع، ثم تعيدها إلينا فقط خلال شهر رمضان، وكأنها صدقة موسمية تُوزَّع على الصائمين. أما حجتهم الكبرى؟ فـ”النجاعة الطاقية وتحفيز الإنتاجية”، وكأن المغاربة سيصبحون بين ليلة وضحاها علماء في ناسا بسبب هذه الساعة المضافة، بينما الحقيقة أننا نصبح مجرد كائنات مرهقة تتسكع في العتمة قبل بزوغ الشمس

لكن لنتحدث بصراحة، من المستفيد الحقيقي من هذه الساعة؟

  • المواطن؟ بالطبع لا، فهو الضحية الدائمة في هذه القصة.

  • الشركات؟ ربما، فهم سيحصلون على موظفين أشبه بالزومبي، لكنهم حاضرين على الأقل!

  • الأطفال؟ هؤلاء الأشقياء سيجدون أنفسهم كل صباح يسيرون في ظلام دامس وكأنهم أبطال في فيلم رعب اسمه “الهروب من المدرسة قبل أن تبتلعهم العتمة”.

لماذا نكره هذه الساعة؟

إن سألت أي مغربي عن شعوره تجاه الساعة الإضافية، فسيردّ عليك بتنهيدة طويلة يعقبها صمت ثقيل، يشبه ذلك الذي يسبق العاصفة أو نشرة رسمية تعلن عن زيادة جديدة في الأسعار. فالشعب المغربي، الذي يملك قدرة خارقة على التأقلم مع الكوارث الطبيعية والسياسية، لم يستطع يومًا تقبل هذه الهدية المسمومة التي تفرضها عليه الدولة على طول السنة، باستثناء شهر رمضان، حيث تُعاد إليه ساعته المسلوبة وكأنها “عطلة زمنيّة مؤقتة” قبل أن يُستأنف العبث مجددًا!

  • الصباح المبكر صار أكثر ظلامًا! كم هو جميل أن تخرج من منزلك في السادسة صباحًا، فتشعر أنك خرجت عن طريق الخطأ من كوكب الأرض إلى الفضاء الخارجي!

  • الاستيقاظ المبكر أصبح أكثر إجرامًا! لأن النوم ليس حقًا مقدسًا، بل ترفٌ قررت الدولة أن نكون زاهدين فيه.

  • الوجوه العابسة في الشوارع! لأن لا أحد سعيد بهذه الساعة، والجميع يمشي متذمرًا، وكأنه يود لو يعود بالزمن إلى الوراء، حرفيًا!

  • الأطفال في وضعية البؤس الشتوي! تخيل طفلًا صغيرًا يرتدي محفظة أكبر منه، ويمشي في ظلام الفجر كأنه في مهمة مستحيلة فقط ليصل إلى المدرسة.

الساعة الضائعة… أين ذهبت؟

في كل سنة، يسرقون منا ساعة ثم يعيدونها إلينا لاحقًا وكأنها هدية! نحن هنا أمام لغز يستحق تحقيقًا دوليًا: أين تذهب هذه الساعة كل أيام السنة؟ ولماذا لا يتم استثمارها في مشاريع مفيدة بدلًا من إعادتها إلينا كأنها إحسان؟

ربما يتم إرسالها إلى كوكب زحل في مهمة سرية، أو ربما يتم تخزينها في قبو تحت أحد المكاتب الحكومية، حيث يكدّس الزمن المسروق بانتظار قرارٍ بيروقراطي يعيده إلينا في أكتوبر. أو ربما، وهو الاحتمال الأقرب، يتم استخدامها في تجارب علمية لدراسة تحمل المغاربة لأقصى درجات السخرية الزمنية.

الحلقة القادمة: ماذا لو رفضنا؟

يوم 6 أبريل، سنستيقظ مرغمين، ونحاول إقناع أنفسنا أن اليوم ليس كابوسًا متكررًا. البعض سيحاول ضبط ساعته الداخلية كما تضبط الدولة ميزانيتها، لكن دون جدوى. وآخرون سيفكرون في العصيان الزمني، وسيقررون رفض الاعتراف بهذه الساعة، لكنهم سيجدون أنفسهم متأخرين عن العمل، لأن عقارب الزمن في الإدارات لا تعترف بالاحتجاجات الصامتة.

الحل الوحيد، كما يبدو، هو انتظار يوم تعيد فيه الدولة لنا هذه الساعة وكأنها لم تكن أبدًا من حقنا في المقام الأول. وحتى ذلك الحين، استعدوا للنهوض في الظلام، والتجول في الشوارع كالأشباح، وانتظار اليوم الذي تصبح فيه هذه الساعة مجرد ذكرى مؤلمة في أرشيف المعاناة المغربية.

عيد سعيد ودمتم ضحايا زمنيّين أوفياء!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.