السرقة في وضح النهار: عندما يصبح المال السايب مدخلًا للانتهاك الاجتماعي

ضربة قلم
الفيديو الذي أرسله لنا صديق، رغم قدمه، يظل يحمل رسالة حية وملحة تتعلق بواقع اجتماعي لم يتغير بشكل كبير. مثل هذه المواد الصحفية التي نطلق عليها “المواد المجمدة” تظل صالحة للاستهلاك في أي وقت، حيث تعكس واقعًا مستمرًا من السلوكيات غير المرغوب فيها في المجتمع. الفيديو يظهر مجموعة من الأشخاص وهم يسرقون الخضر من مستودع، في وضح النهار، دون أي محاولة للاختفاء أو إخفاء هويتهم، مما يعكس درجة من الاستهتار بالملكيات الخاصة وغياب الرقابة أو الخوف من العواقب.
الظاهرة التي يظهرها الفيديو ليست جديدة، فالأمر يبدو شبيهًا بما نطلق عليه في بعض الأحيان “المال السايب”، حيث يُنظر إلى الممتلكات العامة أو الخاصة على أنها فرصة سهلة للانتفاع الشخصي. والظاهرة هنا تتجاوز مجرد السرقة البسيطة، بل تشمل غياب الوعي بالمسؤولية الاجتماعية، حيث يعتقد بعض الأفراد أن ما هو غير محروس أو غير مراقب يصبح ملكًا لهم. ومن هنا تبدأ الفجوة بين الحقوق والواجبات تتسع، ويُقبل البعض على انتهاك القوانين ببساطة، معتقدين أن لا أحد سيحاسبهم على تصرفاتهم.
قد يكون هذا الفيديو بمثابة انعكاس لعدة مشاكل عميقة داخل المجتمع. أولًا، هو يعكس حالة من الفقر أو الحاجة التي قد تدفع البعض إلى اتخاذ إجراءات غير قانونية للحصول على ما يحتاجونه. ثانيًا، هو يُظهر غياب القيم المجتمعية التي تحث على احترام ملكية الآخرين، وهو ما يساهم في تدني الوعي بالقوانين وأهمية النظام العام. من الجدير بالذكر أن تصرفات كهذه لا تحدث في فراغ، بل هي نتاج لعدة عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية تدفع بعض الأفراد إلى تجاوز الحدود المعترف بها في المجتمع.
ما يحدث في الفيديو يمكن أن يكون أيضًا انعكاسًا لمجموعة من الإحباطات الجماعية والفردية. ربما هي محاولة غير واعية لتعبير عن الشعور بالظلم الاجتماعي أو الاقتصادي، حيث يعتقد البعض أنهم محرومون من فرص العيش الكريم، فيلجأون إلى التصرفات غير المشروعة لتعويض النقص، متناسيين أن الأمر يعد جرما ويعاقب عليه القانون. قد يكون هذا السلوك نتيجة لغياب التعليم الكافي، أو عدم وجود قنوات فعّالة لتوفير احتياجات المواطنين الأساسية.
إن هذا النوع من السلوك يتطلب منا أن نتساءل عن المسؤولية التي تقع على عاتق الجميع، بما في ذلك الحكومات والمجتمعات المحلية، في معالجة جذور الفقر والإقصاء. من الضروري أن نجد حلولًا جذرية لمنع حدوث مثل هذه التصرفات المشينة، بدءًا من تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية وصولًا إلى نشر ثقافة احترام الحقوق الخاصة والعامة.