مجتمع

السعادة التي لا يشترونها… لكنهم لا يفرّطون فيها!

ضربة قلم

ظلوا يقتسمون خيرات المغرب كما تُقسم كعكة عيد ميلاد في حفل مغلق، حيث لا يدخل غير المدعوين، ولا يُسمع سوى ضحكاتهم العالية وهم يرفعون كؤوسهم احتفالًا بنجاح عملية توزيع الثروة بينهم مرة أخرى، دون تسرب ولو فتاتة واحدة إلى خارج الدائرة. كل شيء محسوب بدقة لا تعرف الخطأ، كل نصيب موزع حسب المقام والدرجة: هناك من نال المناصب، وهناك من حظي بالمشاريع العملاقة، وهناك من فُتحت له أبواب الامتيازات بلا حدود، حتى أصبح مجرد اسمه مفتاحًا لكل شيء، بينما الملايين في الخارج يقلبون أوراق حياتهم المتعبة بحثًا عن مدخل إلى عالم الفرص، فلا يجدون سوى المزيد من الأبواب الموصدة بإحكام. ورغم هذا، تجدهم يطلّون علينا من شرفات قصورهم، أو من خلال مقالات رأي في الصحف التي يملكونها، ليخبرونا أن “المال لا يصنع السعادة”! يقولونها بثقة، كما لو أنهم قضوا حياتهم في أكواخ الصفيح ليصلوا إلى هذا الاستنتاج العميق. يكررونها بابتسامة هادئة، وهم يسترخون على أرائك وثيرة في منتجعات مغلقة لا يدخلها غير “أهل النعمة”، حيث تُقدم لهم السعادة على صينية فضية، مع قهوة مُعدة بعناية تفوق ما يُخصص لصيانة مستشفيات عمومية كاملة. لكن، إذا كان المال لا يصنع السعادة، فلماذا لا يتخلون عنه؟ لماذا لا يُعيدون توزيع ثرواتهم حتى لا نحمل نحن عبء التعاسة وحدنا؟ لماذا، حين يتعلق الأمر بالامتيازات، تجدهم يتمسكون بها كما يتمسك الغريق بحبل النجاة؟ كيف لهم أن يحاضروا عن بساطة الحياة وهم يقضون عطلهم في جزر لا نعرف حتى كيفية نطق أسمائها؟ السر بسيط: المال لا يصنع السعادة، لكنه يوفر جميع شروطها! يمنح صاحبه رفاهية الحزن بشكل فاخر، والحرية في التنقل بعيدًا عن الضوضاء، والاستمتاع بترف الاختيار بين ألف طريق للحياة، بينما نحن، نحن فقط نتقن فن التأقلم مع القهر، ونحاول، بين زحمة المواصلات وفواتير الكهرباء وغلاء الأسعار، أن نصدق كذبتهم الكبرى: “السعادة لا تُشترى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.