مجتمع

العالم ينتحر بصمت… من أفريقيا إلى أوروبا

ضربة قلم

تشير بيانات الصحة العالمية إلى أن القارة الإفريقية تتصدر معدلات الانتحار عالميًا، بمتوسط 11 حالة لكل 100 ألف نسمة، وسط فقر مدقع، وغياب فادح في خدمات الصحة النفسية (طبيب نفسي واحد لكل نصف مليون نسمة!)، إلى جانب أزمات العنف والنزاعات والوصمة الاجتماعية.

ورغم التقدم العالمي في ميادين التكنولوجيا والصحة والتعليم، لا تزال ظاهرة الانتحار تحصد أرواح الآلاف سنويًا، لتتحول إلى أزمة نفسية واجتماعية عابرة للقارات. لكن المثير أن أسباب الانتحار تختلف باختلاف القارة والثقافة والظروف الاقتصادية.

إفريقيا: أعلى معدلات الانتحار رغم الفقر والتهميش

  • المعدل: 11 حالة لكل 100,000 نسمة (أعلى من المتوسط العالمي).
  • الأسباب:
    • نقص حاد في خدمات الصحة النفسية (طبيب نفسي واحد لكل 500 ألف شخص).
    • الفقر المدقع، البطالة، والنزاعات المسلحة.
    • العنف الأسري والقائم على النوع الاجتماعي.
    • الوصمة الاجتماعية تجاه الاضطرابات النفسية، مما يمنع الناس من طلب المساعدة.

آسيا: تفاوت صارخ بين دول مزدهرة وأخرى محافظة

  • الأرقام:
    • كوريا الجنوبية: 25.8 حالة
    • دول مثل باكستان وأفغانستان: معدلات منخفضة (قد تكون غير دقيقة).
  • الأسباب:
    • في الدول المتقدمة: ضغوط العمل، العزلة، وفقدان المعنى في الحياة.
    • في الدول المحافظة: قلة الإحصائيات، الوصمة الدينية والاجتماعية التي تخفي الأرقام الحقيقية.

أوروبا الشرقية: إرث الانهيار الاقتصادي والاضطرابات النفسية

  • الدول الأكثر تأثراً: ليتوانيا (27.9)، روسيا.
  • الأسباب:
    • انهيار الاتحاد السوفيتي وما تبعه من اضطرابات اجتماعية.
    • تفشي الإدمان على الكحول.
    • ضعف الدعم النفسي والاجتماعي، خاصة في المناطق الريفية.

الأمريكتان: فجوة شمال-جنوب

  • الولايات المتحدة: 14.5 حالة
  • دول مثل غيانا: 31.3 حالة (من أعلى المعدلات في العالم).
  • الأسباب:
    • في الشمال: الاكتئاب، تعاطي المخدرات، العزلة.
    • في الجنوب: الفقر، البطالة، والتهميش المزمن.

أوقيانوسيا: انتحار صامت في صفوف السكان الأصليين

  • الدول المتأثرة: أستراليا، نيوزيلندا.
  • الأسباب:
    • التهميش الثقافي وفقدان الهوية.
    • البطالة وانعدام المساواة.
    • نقص الرعاية النفسية في المجتمعات الأصلية.

المغرب: أرقام مقلقة وصمت رسمي

  • المعدل: 7.2 حالة لكل 100,000 نسمة (9.7 بين الذكور، 4.7 بين الإناث).
  • الوضع العام:
    • ثاني أعلى معدل انتحار في العالم العربي بعد مصر.
    • أكثر من 1000 حالة سنويًا، أي ما يعادل ثلاث حالات يوميًا.
  • المناطق الأكثر تضررًا:
    • جهة طنجة تطوان الحسيمة (48% من الحالات).
    • إقليم شفشاون وحده سجّل أكثر من 240 حالة في 7 سنوات.
  • الأسباب المحلية:
    • التهميش، البطالة، الفقر.
    • علاقات أسرية مضطربة، حمل خارج الزواج، عنف نفسي.
    • غياب الدعم النفسي المؤسساتي وضعف الوعي المجتمعي.

خاتمة: صوت من المغرب إلى العالم

الانتحار ليس ضعفًا، بل صرخة لم يُسمع لها صوت. والذين يغادرون الحياة بهذه الطريقة لا يحتاجون إلى إدانتنا، بل إلى فهمنا وتعاطفنا. إذا كانت أوروبا وآسيا وأمريكا قد بلغت حافة الهاوية رغم تقدمها، فما بالك بالمغرب الذي لا يزال يقف على أرض رخوة نفسيًا واجتماعيًا؟

فلنواجه الأمر… لأن الصمت قاتل، واللامبالاة مشاركة في الجريمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.