مجتمع

الفراقشية فوق الشواية: دعم بالملايين و”البيّاعة والشراية” يقلبون الطاولة!

ضربة قلم

في مملكة العجائب الزراعية، حيث تُحرث الأرض بالبلاغات، وتُسقى الحقول بوعود الدعم الموسمي، خرجت علينا الجمعية الوطنية لمربي الدجاج، تنفخ ريشها وتُغرد خارج سرب الوزارات، معبّرة عن “الارتياح البالغ” لقرار الحكومة بإعفاء الفلاحين الصغار من الديون البنكية.

آه يا حسرة… حتى الدجاج بغا يتنفس شوية الأوكسجين المالي، بعدما اختنق طويلاً في أقفاص الإقصاء والتهميش، وطلّع ليه السُّعار من غلاء الكتكوت والأعلاف!

لكن، لنضع “العلف في مكانه”… من يستفيد فعلًا من هذه المبادرات ذات النكهة الوزارية؟ الجواب الساخر: “الفراقشية”!

نعم، الأفراقشية الأعزاء، أصحاب الشركات الكبرى الذين لا يميزون بين مزرعة ومكتب فاخر في الطابق العاشر من برج استثماري. هؤلاء لا يربون الدجاج، بل يربّون الأرباح، ويصطادون الدعم كما يُصطاد طائر السمان في موسم القنص.

مليار ونص ولا جوج؟… الله أعلم!
حسب ما تداولته بعض المصادر، فإن الدعم الذي حُدد لصالح قطاع الدواجن تجاوز سقف 170 مليون درهم، والرقم قابل للنفخ كما تُنفخ الأسعار في الأسواق. لكن، السؤال الفصيح الذي يرفض الإجابة: من الذي التهم كبد الكعكة؟ ومن تُرك له مجرد ريشة مبلّلة بالوعود؟

هنا ندخل إلى عالم “البيّاعة والشراية”، تلك الفئة الماهرة التي تُجيد الرقص على حبال الدعم العمومي. هم ليسوا مربي دجاج بل مربو علاقات: علاقات مع المسؤول، مع النقابة، مع الخازن الإقليمي، بل وحتى مع عرّاف الدعم ومشعوذ الفدرالية!

يقتسمون الغنيمة بنظام حصص لا يعرفه حتى سكان الكاريان:

  • فلان يحصل على دعم الأعلاف،
  • وفلان على دعم “الكتاكيت”،
  • وفلانة تحصل على بند غير مفهوم في خانة “دعم التسويق المحلي”،
  • أما الفلاح الصغير، فيحصل على عبارة: “الملف غير مكتمل، المرجو مراجعة الإدارة في غضون 90 يومًا من يوم القيامة!”

الدجاجة التي باضت ذهباً… ولكن عند الفراقشية فقط!
الحكومة، كعادتها، تُحب أن تبدو لطيفة في بلاغاتها، توزع حسن النية مجانًا، ولكن حين يصل الأمر إلى الفعل، تتحول البرامج إلى “بوديوم” للأثرياء، يتنافسون على الصعود عليه في مهرجان “دعم أوف ذا يير”.

والفلاح الصغير؟
هو الذي:

  • يشتري العلف بالتقسيط من بقال الحي،
  • يقترض مال الكتكوت من جارته الأرملة،
  • ويطعم الدجاج بحكايات الصبر على الفقر.

السلسلة الغذائية؟ كلها معوجة!
من الكتكوت إلى الكسكس، كل شيء ارتفعت أسعاره.
من يتحمل مسؤولية ذلك؟ الحكومة تقول: “المضاربين”.
والمضاربون يقولون: “الطلب مرتفع”.
والطلب مرتفع لأن المواطن لا يجد غير الدجاج ليأكله… والمواطن يقول: “أنا صايم!” حتى في غير رمضان.

وأخيرا، مناشدة بلغة البيض البلدي
الجمعية المسكينة (جمعية مربي دجاج اللحم، وليس جمعية منتجي السيجار الكوبي)، ختمت بلاغها بمناشدة صادقة، تطلب من الحكومة أن تشملهم في برامج الدعم.

لكن، وكما جرت العادة، فإن الرد الحكومي سيأتي لاحقًا… في شكل خطاب رسمي يبدأ بـ:
“نثمن عاليا مجهودات كافة الفاعلين في القطاع…”
وينتهي بـ:
“وسنواصل العمل من أجل بلورة حلول مستدامة، في إطار مقاربة تشاركية شاملة تؤمن استمرارية الإنتاج الوطني ومصلحة المواطن.”

يعني: الله يعطيكم الصبر… حتى تنفقصوا!

هل تعلم؟
في المغرب، حتى الدجاج له بلاغات، وله جمعية وطنية، وله خصوم أقوياء اسمهُم “الأفراقشية”… أما المواطن، فله الدجاج المستورد، والفقر المحلي، وسؤال قديم يتكرر في كل مائدة:
فين مشى الدعم؟

ويا ليت “الكَتكوت” يتكلم، لقال:
“أنا مول الدعم، ولكن ما عمرني شفتو!”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.