الفوز يغطي عورة الأداء: تونس لم تكن خصماً… ولا المغرب مقنعاً
ضربة قلم
فاز المنتخب الوطني المغربي ودياً على نظيره التونسي بهدفين لصفر، في مباراة احتضنها ملعب فاس مساء الجمعة. سجل الهدف الأول المدافع أشرف حكيمي، وأضاف أيوب الكعبي الهدف الثاني في الدقيقة 92. وعلى الورق، يبدو الأمر مريحاً: فوز على خصم إقليمي تقليدي، شباك نظيفة، وأداء هجومي تحسن في الشوط الثاني. غير أن الحقيقة، كما يراها كل عاشق حقيقي للكرة المغربية، شيء آخر تماماً.
هذا “الفوز غير المقنع” لم يكن سوى غلالة خفيفة تخفي خلفها علامات استفهام كبرى، وتحديات واضحة تستحق وقفة صارمة من الناخب الوطني وليد الركراكي، قبل أن تتحول الودية إلى مأساة تنافسية حين يدخل المنتخب غمار الاستحقاقات الرسمية.
أول هذه التساؤلات يتعلق بما يمكن تسميته “التفاؤل المبالغ فيه” الذي أضحى سمة الخطاب الرياضي لدى الطاقم التقني وشرائح من الإعلام. فالانتصار لا يجب أن يعمينا عن نقاط الضعف البنيوية، وعلى رأسها اعتمادنا المستمر على لاعبين أنهكتهم المشاركات، وبدأت مؤشرات “انتهاء الصلاحية” تلوح في أدائهم، كما البطاريات التي تسير بتؤدة نحو النفاذ.
الركراكي، الذي حظي بإجماع جماهيري عقب مونديال قطر، يبدو اليوم مطالباً بمراجعة عميقة لأوراقه، بعيداً عن المجاملات والعواطف، بل بروح نقدية شجاعة تُميز بين من لا يزال قادراً على العطاء، ومن يتوارى خلف تاريخه وماضيه فقط.
فالشوط الأول، مثلاً، لم يحمل بصمة منتخب من حجم المغرب. تراجع في الإيقاع، قلة فرص، وغياب تام لأي فعالية هجومية تذكر، باستثناء محاولة يتيمة من يوسف النصيري. تونس لم تكن في أحسن حالاتها، ومع ذلك كادت تعقد مهمة المنتخب الوطني بسهولة، لولا الفوارق الفردية التي قلبت النتيجة في الشوط الثاني.
ثم إن تكرار عبارة “سيطرنا على المباراة“ أصبح في حد ذاته عبئاً، لأن السيطرة بلا فاعلية، والهيمنة بلا حسم، لا تصنع منتخبات بطلة. وقد أضاع الأسود أكثر من فرصة، بعضها بأسلوب يثير الريبة حول التركيز والجاهزية الذهنية.
هذا لا يعني طبعاً أن كل شيء سلبي. بعض اللاعبين الجدد قدموا إشارات إيجابية، وهناك طاقة كامنة داخل المجموعة تحتاج فقط إلى منهجية أوضح في الاختيارات، وثقة تُبنى على الجاهزية لا على المجد الشخصي.
إن الكرة المغربية تقف اليوم أمام لحظة حاسمة: إما أن تحافظ على منحنى التصاعد الذي بدأ في 2022 وتُرمم الشقوق قبل أن تتسع، أو أن تستسلم لأوهام الأرقام والمجاملات، فتُعيدنا إلى سنوات التيه الكروي.
أما الجمهور المغربي، فهو لم يعد يقنعه الفوز، إن لم يكن مقروناً بالإقناع. فالعبرة ليست في أن تنتصر على تونس، بل كيف تنتصر، وبمن، ولماذا.




