“الكفتة العجيبة”.. من عين حرودة إلى موائد الضحايا!

ضربة قلم
بعد أن هزّتنا فضائح لحوم الحمير والكلاب وجعلتنا نعيد النظر في كل قضمة نأكلها، جاء الدور هذه المرة على “سيد الكفتة” في عين حرودة، الذي قرر أن يرفع سقف التحدي ويضيف نكهة جديدة لقصص الاحتيال الغذائي. فبينما كان المواطن البسيط يبحث عن أرخص وجبة لسد رمقه، كان “بائع الدجاج العبقري” يُقدم له لحومًا منتهية الصلاحية مغلفة بابتسامة وعود على طريقة “الله يجعل البركة”.
الدجاج المُحنّط والكفتة المتقاعدة!
الفضيحة الأخيرة ليست مجرد حادثة معزولة، بل جزء من منظومة غامضة تتحكم في معدة المستهلك المغربي، حيث تتحول المواد الغذائية إلى سلاح بيد تجار الجشع، الذين لا يكتفون باستنزاف الجيوب بل يهاجمون الأمعاء مباشرةً. بائعنا “الشهم” لم يرَ في انتهاء صلاحية الدجاج أي مشكلة، فاللحم عنده لا يفسد، بل يكتسب “نكهة الزمن”، ليُقدَّم في شكل كفتة مشوية أو طاجين مجهول الهوية، مرفوقًا بأدعية “الله يسهّل”.
هل يمكننا تصديق أن هذا الشخص تحرّك وحده؟ طبعًا لا. فالعملية ليست مجرد صدفة بل هي جزء من نظام أكبر يعتمد على تواطؤ الصمت، حيث لا أحد يريد أن يعرف الحقيقة الكاملة: من أين تأتي هذه اللحوم؟ ومن يسمح ببيعها؟ وكيف تصل إلى موائد الفقراء؟
“الثمن البخس” وذكاء الاحتيال الغذائي
منطق هذا التاجر العبقري بسيط جدًا: حينما يسمع المواطن المغربي عبارة “ثمن بخس”، يتخيل أنه وجد كنزًا، دون أن يدرك أن الكنز في هذه الحالة قد يكون بوابة مفتوحة نحو التسمم أو مغامرة غير محسوبة العواقب مع المستشفى العمومي، حيث يكون العلاج “منتهي الصلاحية” أيضًا!
ولأن المواطن المسكين لا يملك رفاهية الشك في كل وجبة، فهو يلتقط “الفرصة الذهبية” دون أن يدري أنه بصدد تذوق تجربة جديدة من “نكهات الموت التدريجي”. حتى أن بعض الزبائن، بعد سماع الخبر، قد يسألون أنفسهم: هل أكلنا من هذا الدجاج؟ هل كانت “الكفتة” التي تناولناها ليلة أمس جزءًا من هذه الجريمة؟ هنا تبدأ نوبة الهلع الجماعي، وينطلق الجميع في رحلة بحث عبثية عن “الكفتة المشبوهة” في الذاكرة، لكن بعد فوات الأوان!
الأمعاء المغربية.. حقل تجارب للطفيليات الاقتصادية
ليس غريبًا أن نرى فضائح من هذا النوع في بلد أصبح فيه المواطن الحلقة الأضعف أمام شبكات الاحتيال الغذائي. فبعد سنوات من استهلاك “الزيت المغشوش”، و مواد الاستهلاك منتهية الصلاحية، و”اللحوم الغامضة”، و”الحليب المملوء بالهواء”، باتت الأمعاء المغربية أقوى من مختبرات البحث العلمي، تتعامل مع كل هذه المكونات دون أن تنهار بسرعة، لكن إلى متى؟
السؤال هنا ليس عن بائع “الكفتة العجيبة” وحده، بل عن النظام الذي سمح له بالعمل، وعن الأسواق التي لا تزال تعج بأمثاله، وعن الرقابة التي لا تستيقظ إلا بعد أن يشتد العفن ويصل إلى عناوين الصحف. فكم من كفتة أخرى تُطهى الآن في أماكن أخرى، بانتظار أن تُكتشف لاحقًا؟
كفتة اليوم.. فضيحة الغد!
هذه القضية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فطالما هناك من يربح من بيع الموت بثمن بخس، سنظل نسمع عن فضائح جديدة تضاف إلى سجل الجرائم الغذائية. اليوم “الكفتة المتعفنة”، وغدًا قد تكون “عصير السموم”، أو “خضر كيميائية”، أو ربما حتى “هواء منتهي الصلاحية”!
يبقى السؤال الأخير: من التالي؟ وأي فضيحة تنتظرنا عند أقرب عربة طعام؟