المالكي والتعليم: القفزة الثورية نحو “الإنجازات الشفوية”!

ضربة قلم
على مشارف منتصف الولاية الثانية لجمعيته العامة، يطل علينا الحبيب المالكي بخطاب مُفعم بالالتزام والتفاني، يؤكد فيه أن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي “يشتغل بكل رصانة لرصد بدقة اختلالات المنظومة”. وبما أن الرجل ذو خبرة في التوازنات السياسية والبلاغة الفلسفية، فإنه بالتأكيد قادر على إقناعنا بأن التعليم في المغرب يمر ب”مرحلة ذهبية”… على الورق طبعًا!
“الرائدة” التي تجر العربة
المجلس الموقر، وفي إطار استراتيجيته الفذة، قرر تقييم مشروع “المدارس الرائدة”، الذي شمل 626 مؤسسة تعليمية خلال الموسم الدراسي 2023-2024. تقييم استند على “12 بعدًا”، وكأننا أمام بعثة فضائية تستكشف كوكبًا مجهولًا! نعم، المدارس خضعت لمعايير صارمة في التدبير المدرسي، ومدى التزام المدرسين، وملاءمة البنية التحتية… أي أن التلاميذ لن يحتاجوا سوى إلى ميكروسكوب لاكتشاف هذه التغييرات، لأنها غالبًا لا تُرى بالعين المجردة!
وبالطبع، “النتائج وفرت تحليلاً معمقًا” سيساعد على “توجيه تعميم المشروع بطريقة أكثر توازنًا”. بمعنى آخر، استمتعوا بالمرحلة التجريبية، فالقادم قد يكون مجرد “نسخة منقحة” من الفوضى المعتادة!
التكوين المستمر: هل التعليم يحتاج إلى إنعاش مستمر؟
إذا كان التعليم المغربي مريضًا، فالتكوين المستمر هو قسم العناية المركزة الذي يدعي المجلس أنه سيضمن للمنظومة “قدرة التكيف مع التحولات”. لكن السؤال المطروح: هل التكوين المستمر سيحسن وضعية الأساتذة؟ أم أنه مجرد شعار آخر يُضاف إلى رصيد الشعارات التاريخية؟
المجلس، بحكمته المتوارثة، يرى في هذا التكوين أداة لتعزيز “رأس المال البشري”. لكن، هل هذا الرأسمال البشري يملك أصلاً القدرة على التطور، في ظل مناهج تقليدية، وأجور هزيلة، ووضعيات تعاقدية أشبه بالكمائن القانونية؟
المالكي والاستقلالية المقدسة
بالطبع، شدد المالكي على “الدفاع عن استقلالية المجلس”، وكأنه يقود ثورة في قلب النظام! نحن نتحدث عن مؤسسة دستورية تُعِد التقارير، وتوصي بالإصلاحات، وتصدر التوصيات، لكنها في النهاية تظل مثل “ملاحظ رياضي” يُشجع اللاعبين من المدرجات، دون أن يكون له أي تأثير على نتيجة المباراة!
إلى أين؟
المجلس سيظل يُنتج التقارير، ويعقد الدورات، ويقيم التجارب، بينما يبقى التعليم المغربي عالقًا في دوامة الإصلاحات المستدامة. أما المواطن البسيط، فسيظل يراهن على الحظ، آملًا أن يُدرس أطفاله في مدرسة “رائدة” بدل مدرسة “غارقة” في المشاكل.
وهكذا، يبقى السؤال: هل المالكي وجماعته قادرون على تحقيق أي تغيير حقيقي؟ أم أن التعليم سيظل في غرفة الانتظار، بانتظار “إصلاح” جديد يضاف إلى قائمة طويلة من الأحلام المؤجلة؟!