المتصرفون التربويون أمام باب الرواح: حين يُطالب الحق بحضوره!

ضربة قلم
الخميس 12 يونيو 2025، باب الرواح، الرباط. تحت شمس حارقة، وفي مشهد لا يخلو من الإصرار والغضب النبيل، احتشد المتصرفون التربويون في وقفة وطنية جديدة أمام مقر وزارة التربية الوطنية، ليجددوا صرختهم التي لم تجد بعد من يسمعها. ليست هذه مجرد وقفة احتجاجية أخرى، بل هي صرخة صبرٍ نفد، وكرامة أُهدرت، وحقوق ما زالت عالقة في دهاليز الإدارة والصمت الممنهج.
صوت الإداري التربوي… لا يُخرس!
منذ سنوات، والمتصرفون التربويون يخوضون نضالًا صبورًا دفاعًا عن مطالب يعتبرونها عادلة ومشروعة، لكن الوزارة المعنية لا تزال تمارس سياسة الآذان الصماء. وقفة اليوم جاءت لتضع النقاط على الحروف، وترفع الصوت مجددًا في وجه تجاهل لا يليق بمن يسهرون على تدبير المؤسسات التعليمية وتسيير شؤونها.
الخطاب في هذه الوقفة كان واضحًا، مباشرًا، خاليًا من أي تودد بيروقراطي: “لن نقبل بحلول جزئية، ولا بوعود مؤجلة، ولا بترقيعات لفظية”. الحناجر صدحت بمطالب معلقة منذ ثلاث سنوات على الأقل، من أبرزها:
- تنفيذ ترقيات 2021، 2022، و2023 بأثر مالي وإداري فوري، وفق أدنى نقطة استحقاق معتمدة.
- احتساب ثلاث سنوات اعتبارية لفائدة الفوج الأول الذي تم إدماجه في إطار متصرف تربوي، كجبر لضرر مساري امتد لسنوات دون أي تعويض.
- إرجاع الاقتطاعات غير القانونية من أجور عدد من المتصرفين، والتي تمت دون تبرير إداري سليم.
من 14 ماي إلى 12 يونيو… نضال بلا انقطاع
الوقفة الحالية ليست سوى امتداد لمحطات نضالية سابقة، أبرزها الوقفة الحاشدة ليوم 14 ماي. منذ ذلك اليوم، لم تتلقَّ الفئة أي رد ملموس، لا من الوزارة الوصية، ولا من الجهات الحكومية المعنية، رغم المراسلات المتكررة، والبيانات الصادرة عن لجان التنسيق الوطنية.
“نحن لا نطلب صدقة، بل نطالب بتطبيق القانون”، قالها أحد المتدخلين بلهجة صارمة، مضيفًا: “ما يحدث اليوم يُعتبر إهانة لمفهوم الإدارة التربوية، ولأدوار المتصرفين الذين يُسهرون على السير العادي لمؤسسات التعليم العمومي.”
بين الحقوق والقانون… صراع بطيء
الملف لا يتعلّق بمطالب تعجيزية أو باقتراحات خارج المنطق، بل بمستحقات مثبتة بالنصوص التنظيمية، تستند إلى النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية. ومع ذلك، لا تزال الوزارة تماطل، وتلوّح بحجج تقنية لا تُقنع أحدًا، وكأنها تحاول ربح الوقت على حساب الكرامة المهنية لفئة حيوية داخل المنظومة التربوية.
لقد حان الوقت، كما عبّر عدد من المتدخلين، للانتقال من مربع المطالب الإدارية إلى السبل القانونية، بما فيها اللجوء إلى القضاء الإداري، وطلب التحكيم من المؤسسات الوطنية المعنية بالوظيفة العمومية.
رسالة اليوم: لسنا أوراقًا زائدة!
الرسالة التي حملها المتصرفون إلى باب الرواح كانت واضحة: “لسنا أوراقًا زائدة في ملفات الوزارة، نحن عصب التدبير التربوي ومحرّكه الصامت”. وحين يصمت هذا المحرك، تتعطل العجلة، وتتعثر المدرسة العمومية.
الوقفة لم تكن مجرد تجمع للمطالبة، بل كانت بيانًا رمزيًا لكرامة مهنيين وجدوا أنفسهم بين مطرقة الإقصاء وسندان اللامبالاة
ماذا بعد؟
- من المرتقب تنظيم أشكال احتجاجية أخرى في الأسابيع المقبلة إذا استمرت الوزارة في تجاهل الملف.
- هناك تحركات فعلية نحو إعداد ملف قانوني متكامل، يعرض أمام المجلس الأعلى للوظيفة العمومية والمؤسسات ذات الصلة.
- دعوات تتصاعد لإعادة النظر في النظام الأساسي الموحد، الذي لا يراعي الخصوصيات المهنية للمتصرفين التربويين
وقفة ليست النهاية…
هي وقفة كرامة، لا نهاية لمسيرتها إلا بانتصار الحقوق. قد تُهمل الملفات في رفوف الإدارات، لكن صدى الوقفة لا يُنسى. سيظل المتصرفون يردّدون: “قد نصمت حينًا، لكننا لا ننسى… وحين ننطق، فبصوت الوطن والحق”.




