مجتمع

المحمدية: عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ؟

ضربة قزم

في مدينة المحمدية، حيث يُفترض أن تكون صلاة العيد مناسبة للسكينة والروحانية، تحوّلت الشعيرة إلى مهرجان ارتجالي لفنّ التيه الجماعي، بعدما قررت السلطة الإقليمية تحويل المصلى إلى الساحة المجاورة لملعب البشير، وكأنّها مباراة ودّية بين المصلين ومهندسي التنظيم.

منذ الفجر، خرج المواطنون في أبهى حللهم، شاكرين الله على تمام الشهر الكريم، متوجّهين إلى المصلى المؤقت، لكن سرعان ما اكتشفوا أنهم في اختبار عملي للصبر وضبط النفس، حيث انقلبت الساحة إلى متاهة شرقية بامتياز: رجال هنا، نساء هناك، ثم فجأة الجميع في كل مكان، بلا ترتيب ولا انتظام، وكأنهم ضيوف مهرجان تنكري وليسوا مصلّين يطلبون الخشوع!

المختلطون في الصفوف!

ولأن التنظيم “علمٌ وفنٌ” لا يُجيده الجميع، وجد عدد من الرجال والنساء أنفسهم يتبادلون التهاني عن قرب، قريب جدًا لدرجة أنهم صلّوا جنبًا إلى جنب، في مشهد لم يكن ليخطر على بال أشدّ المتشددين في الليبرالية الدينية. أما الأطفال، فقد أصبحوا سفراء الفوضى، يتنقلون بحرية بين الصفوف، مستفيدين من فرصة استثنائية للعب “الغميضة” أثناء خطبة العيد!

أما المصابون بـ”رُهاب الزحام” فقد كانوا أمام تحدٍّ وجودي، حيث اضطر بعضهم إلى أداء الصلاة واقفًا، بلا ركوع ولا سجود، مكتفين بتأمل السماء، متسائلين عن الذنوب التي اقترفوها ليستحقوا هذا العقاب التنظيمي.

دموع في يوم الفرح

وفي موقف درامي مؤثّر، أذرفت بعض النساء الدموع بعدما وجدن أنفسهن محتجزات وسط الرجال، بلا مفرّ ولا سبيل للعودة إلى الصفوف النسائية، فهل هنّ في صلاة عيد أم في مهرجان موسيقي بلا تذاكر مخصصة للنساء؟ سؤال ظلّ بلا إجابة، وسط همسات المصلّين الساخطين، الذين بقدر ما دعوا الله أن يتقبل منهم صيامهم، رفعوا أياديهم بالدعاء على من خطّط ونفّذ هذا “الإنجاز المعماري” لصلاة العيد.

عندما ينقلب الدعاء

وعلى غير العادة، تحوّل ختام الصلاة إلى جلسة دعائية مضادة، حيث كان الإمام يدعو الله أن يتقبل الصلاة، بينما كان البعض في الصفوف الخلفية يردّدون أدعية غاضبة ضدّ كل مسؤول عن “حرمانهم من لحظة الخشوع”. ولأن المغاربة لا يفرّطون في حسّهم الفكاهي حتى في أحلك اللحظات، فقد سُمع أحدهم يهمس: “اللهم عليك بمن صمّم هذا المصلى، فإنه لا يُحسن الترتيب ولا يفقه شيئًا في الفقه!”.

عيدٌ بنكهة سوء التنظيم

هكذا إذن، ودّع المصلّون عيدهم الأول بعد رمضان بتجربة دينية-لوجستية فريدة من نوعها، فبدل أن يخرجوا من الصلاة بطمأنينة وسكينة، خرجوا بنصيب وافر من الصدمة والامتعاض. وبينما كانوا يتبادلون التهاني بعيد سعيد، كان البعض يغمغم: “نلقاك العام الجاي في مصلى جديد… مع مخطط أكثر عبقرية!”.

ملحوظة: الصورة من الأرشيف للمصلى الأصلية للمدينة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.