مجتمعالشأن المحلي

المحمدية: مدينة بلا منح، بلا فريق، وبلا “قفة”… هل من مزايدات أخرى؟

ضربة قلم

يبدو أن المحمدية تعيش عصر “التيه المؤسسي”، حيث لا منح للجمعيات، ولا “تيقار” للفريق، ولا حتى “قفة رمضان” التي كانت بمثابة المخدر الموسمي للضمائر المتعبة. كأن المدينة دخلت في تجربة “الصيام الدائم”، لكن ليس عن الطعام فحسب، بل عن كل أشكال الدعم والاهتمام.

قبل سنتين، أغلقت صنابير الدعم في وجه الجمعيات التي كانت تستفيد من “قطرات” الجماعة، في وقت كان بعض رؤسائها يستعدون لجولات ماراثونية في الطواف على مكاتب المسؤولين بملفات ضخمة تبرر حاجتهم إلى الدعم، بعضها يحمل مشاريع حقيقية، وأخرى تحمل مشاريع من نوع “مائدة مستديرة حول أهمية المنح” بميزانية تكفي لتمويل حملة انتخابية مصغرة. ومع ذلك، لم يكن إغلاق المنح مصحوبًا بخطة بديلة، بل تركوا المدينة تواجه مصيرها كما لو أن الأنشطة الجمعوية ترف زائد عن الحاجة.

أما شباب المحمدية، ذلك الفريق الذي كان بالأمس “معشوق الجماهير”، فقد وجد نفسه اليوم في وضعية يرثى لها، هابطًا إلى القسم الوطني الثاني، كأن النادي أصيب بحالة “أوكسجين منخفض”، فيما أصحابه يتابعون “الأمر” عن بعد، وكأن شيئًا لم يكن. فبعد الوعود التي ملأت المدينة بالأحلام الوردية، اكتشف الجمهور أن تلك الأحلام لم تكن سوى “فقاعة صابون”، سرعان ما تبخرت مع أول اختبار حقيقي. والآن، في انتظار مزيد من الانحدار، يبدو أن المدينة لن تملك قريبًا فريقًا يمثلها، تمامًا كما لم تعد تملك دعمًا جمعويًا يُحيي الحياة المدنية فيها.

وكأن هذا لا يكفي، جاء الدور على “قفة رمضان”، التي كانت في الأصل آخر ما تبقى من “إحسان موسمي”، لكنها لم تسلم هي الأخرى من مقصلة “التقشف الانتقائي”. رئيس الجماعة، الذي يحمل في جعبته مناصب متعددة – من رئاسة الفريق الأحمر إلى تمثيل الأمة، مرورًا بتسيير الجماعة  ورئيس الجمعية الخيرية الإسلامية، قرر هذا العام أن رمضان سيمر بدون تلك القفة الرمزية التي كانت تُوزَّع على المحتاجين. ربما أدرك أن الصيام الحقيقي ليس عن الأكل فقط، بل عن “الأمل” أيضًا!

لكن لنكن منصفين، فالمسؤول عن هذا “العجز الجماعي” ليس شخصًا واحدًا، بل منظومة كاملة تتقن فن “المراوغة السياسية”، وتجيد لعبة “التقشف الانتقائي”، حيث تتقلص الميزانيات كلما تعلق الأمر بالفئات الهشة، فيما تظل مفتوحة بلا حدود عندما يتعلق الأمر بمشاريع غامضة، أو سفريات، أو “اجتماعات طارئة” لا تفضي إلى أي حلول.

المحمدية اليوم ليست بحاجة فقط إلى “قفة رمضان”، بل إلى “قفة إنقاذ” تشمل الرياضة، والثقافة، والتنمية، وكل ما يجعل المدينة تستعيد نبضها المفقود. أما انتظار الحل من الذين أغرقوها في أزمتها، فهو أشبه بالبحث عن طوق نجاة في سفينة يقودها قبطان مشغول بصفقاته الخاصة، غير مكترث بمصير الركاب.

فهل تبقى المحمدية رهينة هذا “التدبير العبثي”، أم أن هناك من سيكسر حلقة الجمود قبل أن تتحول المدينة إلى “أطلال مشروع حضاري مؤجل”؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.