مجتمعسياسة

المحمدية.. مدينة تبحث عن منقذ وسط زحام المصالح!

ضربة قلم

في ظل غياب التركيز الذي غالبا ما يحدث خلال شهر رمضان، سألنا بعفوية صديق يفيض جدية وطيبة عن موعد خلاص المواطنين مع التجربة الحالية للاستحقاقات الانتخابية، فأجبناه بأن المدة التي انقضت تبقى طويلة من المدة التي اقتربت، ناسين أن سنة 2026 ستبقى سنة الخلاص التي يتمنى فيها الشعب المغربي أن تشرق الشمس في سماء البلاد لتفرز لنا مستقبلا بديلا مما عشناه في السابق، خصوصا وأن جناحا في سجن عكاشة قد لقب بالغرفة الثالثة التي تجمع عددا يتطلب دراسة لنيل شهادة الدكتوراه في موضوع السياسة وعلم الإجرام.

لنأخذ المحمدية نموذجا للتجارب ونتحدث عن الولاية الحالية لمجلس جماعة المدينة التي سارت بذكرها الركبان والتي عرفت جمودا وتراجعا على جميع المستويات، حيث غياب رئيس الجماعة الذي انشغل برئاسة فريق الوداد البيضاوي وربما حتى في المقاطعة المحلية التي سيحل فيها مرشحا في الانتخابات المقبلة، مادامت ألاعيبه قد انفضحت داخل المحمدية، سيما بعد تخليه عن فريق المدينة في منتصف الطريق بعد تقريعه وبيع لاعبيه، وإفراغه من الأوكسجين الذي ظل الفريق يتنفس منه.

المشروع الذي يستعمل حاليا كورقة يتباهى بها هذا المجلس العجيب نزل باقتراح من سلطة الوصاية، حيث تم اختيار شركة أصبحت خبيرة في الظفر بالصفقات، لتنفيذ هذا المشروع عوض أن تتكلف الجماعة بتنفيذه المباشر، حيث تبقى مهمتها في تحويل أموال الساكنة لصالح شركة “البيضاء للتهيئة” التي ولدت في “خرقة بيضاء” من أجل إنجاز مشروع تهيئة الطرق ببعض شوارع المدينة بتكلفة 500 مليون درهم، على دفعات، حيث وفي سياق التعتيم، لم يفصح صراحة عن أسماء الداعمين في المشروع، سيما وأن الجماعة تفتقر أصلا لمصلحة التواصل.

وفي سياق هذه الولاية الحالية، تعرف المدينة سباقا محموما في إنجاز بعض المشاريع العقارية الخاصة بأصحابها قبل نهايتها، وكأن يوم القيامة قد اقترب. فالورشات العقارية أصبحت تنمو كالفطر في مختلف أحياء المدينة، دون أي اعتبار لمعايير التعمير أو الحاجيات الحقيقية للسكان، حيث تغيب المرافق الضرورية، وتختنق الطرقات، بينما تستمر شبكة المصالح الضيقة في فرض كلمتها دون رقيب.

نعود ونقول، إن سكان المحمدية يشعرون بغياب الفعالية في التسيير المحلي، حيث يحسون بإحباط شعبي من تكرار نفس الوجوه السياسية دون تحقيق نتائج ملموسة، بل إنهم ملوا رؤية نفس الوجوه القديمة التي تتسابق في طابور الانتخابات، والتي لا تطمح في تمثيلية السكان أكثر من تمثيل مصالحها الدنيئة وكثرة المرتزقة السياسيين والانتهازيين الذين يرون في المدينة بقرة حلوب. سكان المدينة أصبحوا اليوم أكثر من أي وقت مضى يميزون بين الغث والسمين، بين الصالح والذي لا يصلح، وبين من يخدم المدينة ومن يخدم حساباته الخاصة، حيث هناك من يتآمر على أموال السكان من أجل الطمع في نصيبه حين تحويل كل دعم لعمل فني لجهة من الجهات.

إن المدينة في حاجة إلى أطر بريئة وقادرة، تحمل رؤية واضحة وتتمتع بالكفاءة الإدارية والمهنية، قبل أن تحمل ألقابا سياسية خاوية. نحن لا نتحدث عن حملة انتخابية مزيفة بشعارات فارغة، بل عن مشاريع فعلية تغير وجه المدينة وتعيد إليها ألقها. المدينة في حاجة إلى من يفكر في البنية التحتية المستدامة، من يسعى إلى خلق مشاريع اقتصادية تدر دخلا وتوفر فرص عمل لشبابها بدل أن تظل رهينة لمنطق الريع والمصالح الضيقة.

إن ما تعيشه المدينة اليوم ليس قدرا محتوما، بل نتيجة اختيارات خاطئة فرضت على المشهد المحلي. لذا، فإن الرهان الحقيقي يتمثل في ظهور جيل جديد من المسؤولين، ممن يمتلكون الخبرة والنزاهة والغيرة على المدينة، لا أولئك الذين يجيدون فن الخطابات الرنانة بينما تغرق المدينة في دوامة من الإهمال. فمتى ستستعيد المحمدية مجدها المفقود؟ ومتى سيحظى سكانها بمن يدير شؤونهم بعقلية البناء والتنمية بدل عقلية الاستغلال والانتهازية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.