اقتصادمجتمع

المخطط الأخضر.. ملايير أُنفقت والنتيجة: السراب!

ضربة قلم

في مشهد يتكرر في المغرب، تُخصص ميزانيات ضخمة لمشاريع تنموية تحمل عناوين براقة، لكن عند لحظة الحصاد، لا يجد المواطن سوى السراب. المخطط الأخضر، الذي انطلق بميزانيات خيالية ووعود تناطح السحاب، لم يكن استثناءً من هذه القاعدة.

مليارات أُنفقت.. والفلاح يحتضر

حين انطلق المخطط الأخضر، قيل لنا إنه سيحول المغرب إلى قوة زراعية صاعدة، وسيمكن الفلاح الصغير من تحقيق الاستقلالية والاكتفاء الذاتي. لكن بعد سنوات من تنفيذ هذا المخطط، نجد أنفسنا أمام واقع مرير: استنزاف خطير للموارد المائية، تهميش الفلاح الصغير، ومردودية لا ترقى إلى حجم الأموال المصروفة.

فوفقاً لتقارير رسمية، تجاوزت الميزانية المرصودة للمخطط الأخضر عتبة 150 مليار درهم، وهي أموال كافية لتحويل البلاد إلى جنة زراعية، لكن أين ذهبت هذه الأموال؟ لماذا لا يزال الفلاح المغربي يئن تحت وطأة الجفاف وارتفاع الأسعار؟ لماذا بقيت الأراضي الزراعية حكراً على كبار المستثمرين في حين يضطر صغار الفلاحين إلى مغادرة أراضيهم؟

مشاريع ضخمة.. لمصلحة من؟

المخطط الأخضر ركّز بشكل أساسي على دعم كبار المستثمرين الزراعيين تحت ذريعة تحقيق “الفلاحة العصرية”، بينما تُرك الفلاح الصغير وحيداً يواجه الأزمات. تم تشجيع زراعة الأفوكادو والبطيخ والفراولة، وهي محاصيل تستنزف الموارد المائية، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة عطش حادة. فكيف يُبرر المسؤولون الاستمرار في زراعة محاصيل تحتاج آلاف الأمتار المكعبة من الماء في مناطق تعرف ندرة خطيرة في الموارد المائية؟

الأمن الغذائي.. كذبة أخرى!

بدلاً من تحقيق الاكتفاء الذاتي، زاد اعتماد المغرب على استيراد الحبوب والمواد الغذائية الأساسية. وبينما كان الهدف المعلن هو تقليص التبعية الغذائية، وجد المواطن نفسه رهينة تقلبات الأسواق العالمية، حيث ترتفع أسعار القمح والخضر واللحوم دون أي قدرة على التحكم فيها. فأين هو “المخطط الأخضر” من كل هذا؟ أم أن الحديث عن تحقيق الأمن الغذائي مجرد شعار للاستهلاك الإعلامي؟

الفساد وسوء التدبير.. معضلة بلا حل!

لا يمكن الحديث عن فشل المخطط الأخضر دون التطرق إلى الفساد وسوء التدبير الذي رافق تنفيذ العديد من مشاريعه. صفقات غامضة، أموال مهدرة، ومشاريع لم ترَ النور إلا على الورق. والنتيجة؟ تزايد الاحتقان في الأوساط الفلاحية، وهجرة قروية مكثفة نحو المدن بسبب تفاقم المعاناة في المناطق الزراعية.

الحل؟ محاسبة المسؤولين ووضع مخطط يخدم الجميع!

إذا كان المخطط الأخضر قد انتهى، فإن دروسه القاسية يجب أن تكون بداية لتغيير جذري في السياسة الفلاحية. دعم الفلاح الصغير، الاستثمار في تقنيات زراعية تحترم الموارد الطبيعية، وإيجاد حلول لأزمة المياه بدل استنزافها في زراعات غير ضرورية، كلها خطوات لا بد منها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

أما الأموال التي أُنفقت دون نتيجة، فإن السؤال الذي يفرض نفسه: من يحاسب المسؤولين عنها؟ أم أن الحسابات تُفتح فقط عندما يتعلق الأمر بالمواطن البسيط؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.