مجتمع

المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بسطات: بين تركة ثقيلة وإرادة الإصلاح

ضربة قلم

تعيش المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بسطات (ENCG Settat) مرحلة دقيقة من تاريخها، تتسم بالسعي الجاد نحو الإصلاح وترسيخ ثقافة الحكامة الجيدة، تحت إدارة مدير جديد مشهود له بالكفاءة والانضباط.
ولعل من المفارقات أن هذا المدير لم يرث فقط مسؤوليات تسيير مؤسسة عريقة، بل وجد نفسه أمام تركة مالية مثقلة بالديون، كان من المفترض أن تُفتح بشأنها تحقيقات دقيقة لتحديد أوجه تراكمها ومعرفة من استفاد منها وكيف.

إن احترام القوانين والمساطر يفرض علينا التعامل مع هذه المعطيات بحذر ومسؤولية، بعيداً عن إصدار أحكام جاهزة أو توجيه اتهامات مجانية، خصوصاً في غياب معطيات ملموسة ودلائل قاطعة. ومع ذلك، تبقى الأسئلة مشروعة:
كيف وصلت المؤسسة إلى هذا الوضع المالي الحرج؟
وأين كانت آليات الرقابة والحكامة خلال السنوات الماضية؟

ما يميز الإدارة الحالية أنها لم تنغمس في سياسة إلقاء اللوم أو تصفية الحسابات، بل اختارت التركيز على المستقبل عبر وضع خطة لتدبير الوضع القائم بكل مهنية واحترام للمؤسسة ولتاريخها الأكاديمي. وهذا النهج أكسب المدير الحالي تقديراً واحتراماً كبيرين داخل الأسرة التعليمية بالمؤسسة، حيث يثني كثير من الأساتذة والعاملين على أسلوبه المتزن وعلاقته المبنية على الاحترام المتبادل والجدية في الأداء.

بالمقابل، لا يمكن التغاضي عن حقيقة أن تعامل المدير السابق مع الأسرة العاملة بالمؤسسة كان مختلفاً. فقد طبع تلك المرحلة أسلوب خاص في التسيير، ترك أثره في نفوس البعض، سواء بالإيجاب أو السلب، وفقاً لمواقعهم وطبيعة علاقتهم بالإدارة السابقة. وليس خافياً أن التغيير الذي جاء به المدير الحالي لم يرق للبعض ممن اعتادوا نمط تعامل مختلف، مما يفسر بعض محاولات التشويش أو مقاومة الإصلاح الهادئ الذي تعرفه المدرسة اليوم.

وفي هذا السياق، يجب أن نعترف أن أي انتقال نحو الحكامة الجيدة يثير عادةً حساسية لدى الأطراف التي استفادت أو تأقلمت مع أوضاع سابقة. غير أن الرهان الحقيقي اليوم ليس في استرضاء هذا الطرف أو ذاك، بل في التأسيس لثقافة مؤسساتية قوامها الشفافية، والمسؤولية، وربط المحاسبة بالمسؤولية دون ظلم أو تجنٍّ.

إن المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بسطات تستحق أن تواصل مسارها العلمي المتميز، بعيداً عن كل الحسابات الضيقة، وعلى أسس صلبة تجعل منها فعلاً قاطرة للتميز الأكاديمي ومشتلاً حقيقياً لإعداد أطر المستقبل في مجالات الاقتصاد والتسيير.

وفي الأخير، فإن الوفاء لمبادئ الشفافية واحترام القانون يجب أن يكون العنوان الأكبر لهذه المرحلة الحساسة. والمطلوب اليوم من كافة مكونات المؤسسة، أساتذة وإداريين وطلبة، أن ينخرطوا في هذا المسار بكل وعي ومسؤولية، لأن الرهان أسمى من أن يُختزل في صراعات ظرفية أو مصالح شخصية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.