المدينة الفاضلة” المؤقتة: حين يصبح “الشماكرية” نزلاء خمس نجوم!
ضربة قلم
في مشهد أقرب إلى أفلام الخيال العلمي، تتحرك القوات الأمنية هذه الأيام بحماس غير مسبوق، وكأنها بصدد إنتاج موسم جديد من “عملية نظافة”، لكن هذه المرة ليست ضد الأزبال والنفايات، بل ضد “الشماكرية” والمشردين! الهدف؟ تجميعهم في مكان مجهول، حيث سيتحولون إلى ضيوف شرف في إقامة سرية محاطة بالعناية الإلهية.
حسب ما يروج في الكواليس، ستشمل هذه المبادرة كل من تسوّل له نفسه النوم في العراء، أو البحث في القمامة عن وجبة اليوم، أو حتى ذاك الذي يجرّ رجليه بحثًا عن بقايا كرامة ضاعت في زحام المدينة. الجميع مرحّب بهم في “المأوى السري”، حيث سيجدون أكلاً ومبيتًا وخدمات لم يسبق أن تخيلوها.
يقال إن السلطات ستتكفل بإطعامهم بانتظام، وقد يتذوقون لأول مرة أطباقًا تتجاوز مستوى “الخبز والشاي”. بل إن البعض يهمس بأنهم سيتلقون حمامات ساخنة، وسيتخلصون أخيرًا من ذلك “المعطف البيولوجي” الذي رافقهم لسنوات. والأجمل من ذلك؟ بمجرد انتهاء كأس العالم، سيتم الإفراج عنهم ليعودوا إلى حياتهم الطبيعية، وكأن شيئًا لم يكن!
طبعًا، هذا السيناريو الهوليوودي يثير أسئلة فلسفية عميقة: هل الدولة قادرة فعلًا على حل أزمة المشردين في لمح البصر؟ أم أن الأمر مجرد “إعادة تموقع” مؤقتة للحفاظ على الصورة اللامعة أمام السياح والشاشات العالمية؟ وإذا كان بالإمكان إيواؤهم والاعتناء بهم طوال فترة الحدث، فلماذا لا يمكن فعل ذلك على مدار العام؟ أم أن المشردين يستحقون العناية فقط حين يكون المغرب تحت الأضواء العالمية؟
في انتظار انكشاف الحقيقة، يحق لنا أن نتخيل سيناريوهات بديلة: ربما سنرى لاحقًا مشردين يطالبون بتنظيم تظاهرات دولية كل شهر حتى يحظوا بالرعاية المستمرة! وربما سيظهر سوق سوداء لبيع “بطائق الدخول” إلى هذا الفندق السري الفاخر، حيث يمكن لأي متسكع غير معني بالعملية أن يدفع رشوة لينضم إلى هذا المنتجع الشتوي المجهول.
وإلى أن يُرفع الستار عن نهاية هذا الفيلم الواقعي، سيبقى السؤال المطروح: هل نحن أمام خطوة جادة لحل أزمة التشرد، أم أننا فقط نعيش لحظة تجميل مؤقتة لواجهة المدينة، في انتظار أن تعود الفوضى إلى شوارعنا فور انتهاء المونديال؟ الإجابة سنجدها قريبًا… في إحدى الأزقة المظلمة بعد أن يعود المشردون إلى أماكنهم المحجوزة على الأرصفة!
