مجتمع

المغاربة و”عقوبة العيش”!

ضربة قلم

في هذا الوطن العجيب، حيث المواطن متهم حتى تثبت براءته، بات العيش نفسه عقوبة غير منصوص عليها في أي قانون، لكنها تُنفَّذ بحذافيرها يوميًا، دون استئناف أو طلب عفو ملكي.

الكراء: عندما تصبح الجدران أغلى من العقول

إذا كنت من الحالمين بكراء شقة محترمة، فدعني أصدمك بحقيقة مُرة: “ما عندكش الحق تحلم!”. الأسعار ترتفع بسرعة الصاروخ، والعقود صارت أشبه بمواثيق الاستعباد، والملاك الجدد يطالبونك بملف إداري يصلح للحصول على تأشيرة لكوكب المريخ: شهادة عمل، كشف حساب بنكي، شهادة حسن السلوك، وخطاب توصية من أحد الملائكة المقيمين في السماء!

أما إذا كنت شابًا أعزبًا، فابحث لك عن كوكب آخر للسكن، لأن بعض الملاك يفضلون تأجير شققهم للقطط والكلاب بدلًا من كائن بشري قد يتجرأ على استقبال ضيوفه في منزله “المستأجر”!

التعليم: دعه يعمل.. دعه يجهل!

في وقت يتحدث فيه العالم عن الثورة الرقمية، ما زلنا نحن نتجادل حول إمكانية إدخال أقسام الرياضيات في بعض القرى التي لم ترَ الكهرباء إلا في الإعلانات الحكومية. أما التعليم الخصوصي، فقد تحول إلى مشروع استثماري بامتياز، حيث الآباء يسددون الفواتير بالدم، والأبناء يتخرجون بشهادات تصلح فقط لزينة جدران الصالون.

المدارس أصبحت تتنافس ليس في جودة التعليم، ولكن في عدد “النزهات” والمهرجانات، حتى يكاد الطالب المغربي يعتقد أنه في وكالة أسفار لا مؤسسة تعليمية. أما الوزارة، فتواصل إنتاج المناهج “الجديدة” كل عام، حتى يظل الآباء في دوامة شراء الكتب، وتظل دور النشر في بحبوحة من العيش!

الصحة: انتظر دورك.. حتى يحين أجلك!

الدخول إلى مستشفى عمومي مغربي أشبه برحلة إلى الماضي، حيث الأجهزة معطلة، والموظفون غائبون، والمريض مطالب بأن يكون طبيبه الخاص، وإلا فليجهز وصيته.

أما المصحات الخاصة، فهي لا تعترف إلا باللغة البنكية، حيث يبدأ الطبيب التشخيص بعبارة: “واش عندك التغطية؟”، وبعدها يُقرر إن كنت ستحصل على العلاج أو على “رقم سرّي” لحسابك المصرفي في الجنة.

المستقبل؟ الله أعلم!

وسط كل هذا العبث، ما زال المغربي يقاوم، يبتسم، ويطلق النكتة كلما زاد القهر. ربما لأنه يعلم أن السخرية هي آخر سلاح يمتلكه قبل أن يصبح مواطنًا “سابقًا” في وطن لم يعترف به يومًا!

ويبقى السؤال: إلى متى سيظل العيش في المغرب معركة يومية، حيث القتال بلا سلاح، والموت بلا شهادة وفاة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.