دفاتر قضائية

المغاربة يطالبون بالعدالة لغيثة: حادث شاطئ سيدي رحال يتحول إلى قضية رأي عام

ضربة قلم

ما زال المواطنون، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي، يتابعون عن كثب مستجدات القضية المفجعة التي هزّت الرأي العام المغربي، مطالبين بصرامة قانونية في محاسبة المسؤولين عن الحادث الذي تعرضت له الطفلة “غيثة” ذات الأربع سنوات ونصف على شاطئ سيدي رحال. وقد تحوّلت المأساة من مجرد حادث عرضي إلى ملف أخلاقي وقانوني يفتح باب الأسئلة حول سلامة الفضاءات العامة، ومسؤولية الدولة في ضبط فوضى الترفيه الصيفي.

مأساة على رمال الشاطئ

في ظهيرة يوم حار، وبينما كانت العائلات تقضي وقتًا هادئًا على الشاطئ، وقعت الكارثة. غيثة، طفلة بريئة كانت تلعب داخل حفرة صغيرة صنعها والدها لتسليتها، وجدت نفسها فجأة تحت عجلات سيارة رباعية الدفع كانت تقوم بحركات استعراضية خطيرة على مقربة من المصطافين. السيارة، التي كانت تجرّ دراجة مائية من نوع “جيت سكي”، دهست جسدها الصغير، مخلفة إصابات خطيرة في الرأس والفك.

الوالد، الذي كان قد غاب لحظات بحثًا عن ماء، عاد ليجد فلذة كبده غارقة في دمائها، وسط صرخات مرتعبة من الشهود. نُقلت الطفلة على وجه السرعة إلى المستشفى، حيث ترقد في حالة صحية حرجة حتى اللحظة، تحت عناية مركزة ومراقبة طبية دؤوبة.

التحقيق… وغضب يتصاعد

في أعقاب الحادث، فتحت مصالح الدرك الملكي تحقيقًا أوليًا بأمر من النيابة العامة، من أجل تحديد المسؤوليات، والوقوف على ملابسات الفعل الذي تصفه أسرة الضحية بـ”الإهمال الإجرامي”. ورغم فتح الملف قضائيًا، إلا أن عائلة الطفلة، ومعها آلاف المغاربة، يخشون من أن يُطوى هذا الملف كما طُويت ملفات أخرى سبقته.

ما زاد الطين بلّة، وفق تصريحات الأب، هو ما اعتُبر استفزازًا فجًّا من أحد أقارب المتهم، الذي زارهم في المستشفى قائلاً ببرود: “حنا عندنا الفلوس”، في تلميح إلى إمكانية شراء الصمت أو التملص من المسؤولية. هذه العبارة، التي انتشرت كالنار في الهشيم على المنصات الاجتماعية، أججت مشاعر الغضب، وأعادت إلى الواجهة نقاشات حول غياب العدالة الطبقية وممارسات “النفوذ” التي تشوّه ثقة المواطنين في القانون.

سيدي رحال… شاطئ بلا حراسة؟

ليست هذه المرة الأولى التي تُسجَّل فيها حوادث مماثلة على شواطئ المغرب. فوضى عربات الدفع الرباعي، والاستخدام غير المنظم للدراجات المائية، وسلوكات بعض المصطافين، تجعل من الشواطئ المغربية أماكن غير آمنة، خاصة للأطفال. شاطئ سيدي رحال، على وجه الخصوص، بات يُوصَف من طرف النشطاء بـ”منطقة خطر صيفية”، بسبب غياب علامات التشوير، وغياب حواجز تحد من اقتراب السيارات من المصطافين، وتهاون السلطات في فرض الرقابة اللازمة.

عائلة تحت وقع الألم… ومجتمع يرفض النسيان

والد غيثة يعيش صدمة مزدوجة: جسد ابنته الممزق أمام عينيه، ومخاوف من أن يُترك الفاعل طليقًا بفضل المال والنفوذ. يقول بصوت متهدج: “غيثة كانت أوّل من يستقبلني كل مساء… كانت كل شيء. منذ أسبوع وأنا عاجز عن العودة إلى البيت”.

هذا الصوت المقهور لم يعد معزولًا، بل صار صدىً واسعًا لمئات المنشورات والمقاطع التي يتداولها المغاربة، مطالبين بتحقيق قضائي نزيه، لا يخضع للضغوط، ولا يُغلق بالتسويات المالية.

دعوات لإعادة النظر في تدبير الشواطئ

خرجت أصوات جمعوية وحقوقية تطالب بضرورة إعادة النظر في طريقة تدبير الشواطئ المغربية، خاصة في موسم الصيف. من بين المطالب:

  • منع شامل لحركة المركبات بمحاذاة أماكن السباحة.

  • تخصيص مناطق مغلقة لاستخدام الدراجات المائية.

  • تعزيز المراقبة، ليس فقط من طرف السلطات، بل من خلال إنشاء “وحدات مدنية للمراقبة الشعبية” بالتعاون مع الجماعات المحلية.

خاتمة: العدالة لغيثة… أو السقوط في الهاوية

قضية الطفلة غيثة تجاوزت الآن بعدها المأساوي لتصبح اختبارًا حقيقيًا لضمير العدالة المغربية. هل سيُحاسَب الجاني؟ هل ستُمنع الممارسات الخطيرة على الشواطئ؟ أم أن دموع الأب المكلوم ستُنسى مع أول موجة بحر جديدة؟

السؤال بات جماعيًا، والإجابة تحتاج أكثر من وعد… تحتاج فعلًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.