
محمد صابر
تترقب الأوساط السياسية والشعبية بالمغرب الخطاب الملكي المرتقب يوم غد الجمعة 10 أكتوبر 2025، في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية العاشرة، وسط مناخ مشحون وأسئلة مفتوحة على كل الاحتمالات.
غير أن ما يميز هذه السنة التشريعية بالذات هو تزامنها مع مرحلة مفصلية في التاريخ الاجتماعي والسياسي المغربي، حيث أصبح صوت الشارع أكثر حضورًا، وصدى الغضب الشبابي أكثر وضوحًا، لا سيما بعد موجة احتجاجات “جيل زد” التي كسرت صمتًا طويلاً، وأعادت إلى السطح النقاش حول العلاقة بين الدولة والمجتمع.
1. خطاب ينتظر منه التهدئة وإعادة الثقة
تدرك النخبة السياسية أن الخطاب الملكي لن يكون عابرًا، بل سيحمل رسائل مزدوجة: تهدئة اجتماعية من جهة، ودعوة للإصلاح الجريء من جهة ثانية. فالملك، وفق التجارب السابقة، لا يتدخل في لحظات الركود فقط، بل في اللحظات التي تهتز فيها العلاقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
ومن المتوقع أن يُركز الخطاب على ضرورة إعادة بناء الثقة في العمل السياسي، وفتح قنوات تواصل حقيقية مع الشباب، بما يترجم توصيات النموذج التنموي الجديد إلى إجراءات ملموسة.
2. جيل زد… جرس إنذار لا يمكن تجاهله
الاحتجاجات الأخيرة، رغم سلميتها، كشفت هوة عميقة بين انتظارات الشباب ومنطق الدولة البيروقراطي. فجيل اليوم لا يطالب بالخبز فقط، بل بالكرامة، بالمشاركة، وبإعادة تعريف معنى المواطنة في مغرب جديد.
إنه جيل لا ينتمي إلى الأحزاب التقليدية ولا يؤمن بالوعود الخطابية، بل يتغذى من الفضاء الرقمي ويقيس العدالة بعيون الواقع لا الشعارات. وهنا قد يدعو الخطاب الملكي إلى إعادة هيكلة العلاقة بين الشباب والسياسة، من خلال تجديد النخب، وإعادة النظر في الوسائط الحزبية والنقابية التي فقدت مصداقيتها.
3. البعد الاقتصادي والاجتماعي للخطاب
من المرجح أن يتناول الخطاب الملكي ملف العدالة الاجتماعية والاقتصادية، في ظل اتساع الفوارق الطبقية وارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية. فهذه الملفات ليست مجرد معطيات اقتصادية، بل هي صاعق سياسي واجتماعي قد يشعل مزيدًا من الاحتقان إن لم تتم معالجتها برؤية واقعية.
وهنا، يمكن أن يوجه الملك نداءً واضحًا للحكومة لتسريع وتيرة الإصلاحات، خاصة في مجالات التشغيل والتعليم والصحة، وهي القطاعات التي باتت محور النقاش العمومي ووقود الاحتجاجات الشبابية الأخيرة.
4. قراءة سياسية أعمق: هل نحن أمام لحظة تصحيح المسار؟
الخطاب الملكي المرتقب قد يشكل، بحسب المراقبين، منعطفًا لتصحيح مسار التجربة السياسية المغربية، خصوصًا في ظل ما يشبه العجز الحزبي والمؤسساتي عن استيعاب التحولات الاجتماعية.
فمن المتوقع أن يُعيد الملك توجيه البوصلة نحو مقاربة جديدة في تدبير الشأن العام، قوامها ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتجديد النخب السياسية، والإنصات لصوت الشارع بدل الاكتفاء بتقارير تقنية أو مؤشرات اقتصادية باردة.
5. ما بين الإصلاح والإنذار
إن انتظارات المغاربة من هذا الخطاب ليست بروتوكولية، بل وجودية: هل يلتقط النظام السياسي نبض الشارع؟ وهل ستترجم مضامين الخطاب إلى سياسة عمومية واقعية؟
فإما أن يكون الخطاب فرصة لإعادة الثقة وترميم الجسور بين الدولة والمجتمع، أو أن يتحول إلى إشارة إنذار إذا ظلت الأمور في حدود الخطابات دون أفعال.
خلاصة
يمكن القول إن المغرب يقف على أعتاب لحظة فارقة، حيث يتقاطع صوت القصر مع صرخة الشارع، ويتواجه خطاب الاستقرار مع مطالب التغيير.
وما سيقوله الملك يوم الجمعة لن يكون مجرد توجيهات سياسية، بل بوصلة جديدة لتحديد شكل الدولة الاجتماعية والسياسية في العقد المقبل.




