المغرب ينتفض من جديد: من الرباط إلى أكادير، صوت الشارع أعلى من صمت الحكومة

ضربة قلم
في الوقت الذي تواصل فيه آلة الحرب الصهيونية سحق أرواح الأبرياء في غزة، ويزداد مشهد الدمار اليومي فظاعة، لا تزال الساحة المغربية تغلي… ولكن ليس في المقرات الحكومية أو قاعات الاجتماعات “الرسمية”، بل في الشوارع والساحات، حيث يعلو صوت الشعب حين يختار الصمت الرسمي أن يكون أخرسًا.
هيئات مغربية كثيرة قررت ألا تكتفي بالتنديد عبر البيانات. مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، مثلًا، قررت أن ترد على نيران العدوان بمسيرة حاشدة في قلب الرباط صباح الأحد. لا شعارات مبهمة، ولا مواقف رمادية. الرسالة كانت واضحة: لا للتطبيع، لا للتواطؤ، ولا لسياسة المسايرة التي اختارتها “الجهات العليا” منذ أن قررت وضع يدها في يد الاحتلال.
الرباط لم تكن وحدها في الميدان. مدن مثل الدار البيضاء، مكناس، مراكش، وأكادير، شهدت هي الأخرى وقفات ومسيرات واحتجاجات رفعت فيها شعارات الغضب والكرامة، رافضة تحويل المغرب إلى “منصة صديقة” لكيان يمعن في القتل والتدمير. أما “الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة”، فقد دعت إلى تحركات جديدة تحت شعار “غزة تحت النار”، وكأنها تقول: إذا كانت الحكومة تشاهد بصمت، فالشعب يشاهد ويصرخ.
وفي مشهد لافت، وقفت مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، يوم الجمعة، أمام البرلمان بشعار “طوفان الأقصى”، وكأنها تذكر من يختبئ وراء الصمت بأن للشعوب ذاكرة، وبأن المواقف لا تُصنع في دهاليز الصفقات، بل في ساحات الكرامة.
الغريب – أو ربما غير المفاجئ – أن كل هذا الزخم الشعبي قابله صمت رسمي يصفه الكثيرون بـ”العار”، لا بل “الخيانة”. لا بيان رسمي يُدين، لا موقف واضح يُعلن، فقط صمتٌ ثقيل، وكأن دماء الغزاويين لا تعني ساكني الرباط الرسمية في شيء.
أما المبادرة المغربية للدعم والنصرة، فقد أطلقت نداءً جديدًا يدعو إلى التعبئة الشاملة، معتبرة أن التغاضي عن هذا العدوان ليس فقط موقفًا سياسيًا سيئًا، بل سقوطًا أخلاقيًا مدوّيًا. بالنسبة لها، الاستمرار في التطبيع اليوم لم يعد مجرد خيار خاطئ، بل أصبح موقفًا ضد الإنسانية.
وفي خضم هذا كله، تتساءل النقابات والأحزاب وبعض الوجوه المدنية: أين اختفى صوت الدولة؟ ولماذا تصر الحكومة على السير في طريق يفصم العلاقة مع نبض الشارع؟ هل أصبحت المصالح السياسية والتجارية فوق دماء الأطفال في غزة؟!
ربما الأجوبة ليست متوفرة الآن، لكن ما هو واضح وضوح الشمس في عزّ الصيف، هو أن الشارع المغربي لا ينسى. لا ينسى فلسطين، ولا ينسى أن التطبيع كان خيارًا فوقيًّا لا يحظى بقبول شعبي.
ولذلك، ها هو الشارع يتكلم. لا بكلمات مهادنة، بل بشعارات ملتهبة:
“غزة تُقصف… والمخزن يتفرج”
“لا سلام مع مغتصب… لا تطبيع مع سفاح”
“من الرباط لغزة… الدم واحد والموقف واحد”
وفي الوقت الذي يتساءل فيه الجميع عن النهاية، وعن لحظة الصحوة الرسمية إن وُجدت، يواصل الشعب المغربي فعله المقاوم، بمسيرات، ووقفات، وبيانات شعبية صادقة لا تبحث عن الكاميرات، بل عن كرامة وطن لا يُقايض قيمه مقابل سراب التحالفات.
ويبقى السؤال معلقًا في الهواء: هل تسمع الحكومة ما يقوله الشعب؟ أم أن طنين المصالح الخارجية أقوى من نداءات الأحرار؟