مجتمع

المفترس العادل والمُفسد الجشع: مقارنة بين حيوان يقتل ليعيش وإنسان ينهب ليزداد جشعًا

ضربة قلم

حين ننظر إلى عالم الحيوان، نجد أن المفترس لا يقتل إلا عندما يكون جائعًا، لا يطارد فريسته بدافع الترف، ولا يذبح بلا سبب. الأسد يقتل ليأكل، الذئب يهاجم ليبقى حيًا، والنمر لا يمارس العنف لمجرد التسلية، بل لأن غريزته تجبره على ذلك. وفي المقابل، ما الذي يفعله بعض البشر؟

المقارنة الأولى: القتل عند الضرورة مقابل النهب بلا مبرر

المفترس في الغابة: عندما يصطاد، فإنه يحدد فريسته بدقة، يركز على الأضعف أو المريض، ويقضي عليها بسرعة دون تعذيب أو عبث. بعد أن يأكل حتى يشبع، يترك الباقي للضواري الأخرى أو الطيور الجارحة، فلا يُهدر شيئًا ولا يقتل أكثر مما يحتاج.

المُرتشي والناهب في المدينة: يخرج من بيته صباحًا، لا لأنه بحاجة إلى قوت يومه، بل لأنه يريد أن يكدّس المزيد. يتسلم الرشوة رغم راتبه، يسرق المال العام رغم غناه، ينهب ممتلكات السكان رغم أنه لا يحتاجها. إنه لا يكتفي بما يسد حاجته، بل يواصل التهام حقوق غيره بجشع لا يشبع. الفرق؟ المفترس تحكمه الحاجة، أما المُفسد فتحكمه الرغبة في المزيد والمزيد، دون رادع أخلاقي.

المقارنة الثانية: الحماية مقابل الخيانة

الأسد يحمي صغاره وقطيعه: رغم كونه مفترسًا، فهو لا يعتدي على أبناء جنسه ولا يسرق طعام صغاره، بل يدافع عنهم. الذئب، رغم أنه قاتل بالفطرة، فهو شديد الولاء لقطيعه، ولا يخون أفراد مجموعته.

المسؤول الفاسد يسرق أبناء وطنه: بدلاً من حماية شعبه ومدينته، فإنه يقطع أرزاقهم، يرفع الأسعار، يسلب الفقراء، ويترك الطرق محفورة والمستشفيات بلا أدوية. هو لا يأكل وحده فقط، بل يمنع غيره من الأكل أيضًا!

الفرق؟ المفترس لا يخون جنسه، بينما الفاسد يخون أهله وأمته.

المقارنة الثالثة: التوازن الطبيعي مقابل الفوضى البشرية

المفترس جزء من دورة طبيعية متزنة: عندما يصطاد الذئب غزالًا، فهو لا يدمر النظام البيئي، بل يساعد في إبقائه متوازنًا، حيث يمنع تزايد أعداد الفرائس بشكل يضر بالغابة.

المُفسد يخلق الفوضى ويهدم التوازن: عندما يسرق موظف فاسد المال العام، فإنه لا يُبقي شيئًا للآخرين، لا للصحة ولا للتعليم ولا للبنية التحتية. عندما يتلقى مسؤولٌ فاسدٌ رشوةً من مقاول فاسد، فإن الأخير يبني طرقًا تتآكل مع أول مطر، وقنوات صرف تنفجر عند أول اختبار.

الفرق؟ المفترس يحافظ على توازن الطبيعة، بينما الفاسد يفسد حياة مجتمعه.

المقارنة الرابعة: النهاية الحتمية لكل منهما

المفترس يموت بشرف: عندما يشيخ الأسد أو يضعف الذئب، فإنهما يعيشان آخر أيامهما بكرامة في الطبيعة، إما يقاتلان حتى النهاية أو يسقطان بعد حياة مليئة بالصيد والبقاء.

المفسد يسقط بعار وفضيحة: عندما يكثر فساده، يبدأ المجتمع في لفظه، قد يُطرد من منصبه، أو يُسجن، أو يموت مكروهًا حتى من أقرب الناس إليه. المال الذي سرقه لن يحميه من مصيره، والمنازل التي بناها لن تمنحه راحة البال.

الفرق؟ المفترس يموت مرفوع الرأس، بينما الفاسد يغرق في العار حتى آخر يوم في حياته.

 

الخاتمة: من المفترس الحقيقي؟

لو قارنا بين الأسد والمسؤول المرتشي، سنجد أن الأسد أكثر شرفًا وعدالة منه. المفترس يفترس ليعيش، لكنه لا يخون جنسه ولا يقتل بدون سبب. أما الفاسد، فإنه يسرق ليزيد ثروته، ويخون وطنه وأبناء جلدته، ويترك بلاده تغرق في الفوضى.

إذن، من هو الوحش الحقيقي؟ الأسد الذي يصطاد ليأكل، أم المسؤول الذي يسرق ليُكدّس الأموال، بينما تغرق مدينته في الأمطار؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.