دفاتر قضائية

 النصب الهرمي بين “مجموعة الخير” وإعلانات الاحتيال الجديدة: الخداع مستمر

ضربة قلم

تفجّر فضيحة “مجموعة الخير طنجة

في واحدة من أكبر قضايا النصب التي عرفها المغرب، وصلت قضية “مجموعة الخير طنجة” إلى القضاء بعد أن تم الكشف عن استغلال آلاف الضحايا في مخطط التسويق الهرمي، الذي أوهمهم بأرباح سريعة ومضمونة. بلغت قيمة الأموال المنهوبة حوالي 20 مليار سنتيم، فيما شهدت القضية تفاعلًا واسعًا في الأوساط الإعلامية والمنصات الرقمية، نظرًا لحجم الفضيحة وعدد المتضررين.

أسلوب الاحتيال: وعود كاذبة وأرباح وهمية

اعتمدت المجموعة على استقطاب الأعضاء من خلال مساهمات تبدأ من 1800 درهم، على أن يستفيدوا من أرباح مضاعفة عند استقطاب مشتركين جدد. تم الترويج للمخطط عبر واتساب وإنستغرام، حيث تم عرض قصص “ناجحين” تلقوا أرباحهم مبكرًا، مما حفّز المزيد من الضحايا على الانضمام.

ضحايا داخل المغرب وخارجه

رغم أن الشكايات المسجلة لم تتجاوز 810 شكاية، إلا أن العدد الحقيقي للضحايا يُقدر بالآلاف، حيث امتدت الخسائر إلى الجالية المغربية في أوروبا، خاصة في فرنسا، إسبانيا، وهولندا. وقع الضحايا في الفخ بسبب الروابط الأسرية والاجتماعية، حيث قام بعضهم بإقناع أفراد عائلاتهم وأصدقائهم بالمشاركة، مما زاد من تعقيد القضية.

تداعيات التحقيق والاعتقالات

تم اعتقال 14 شخصًا، بينهم 10 نساء، فيما أقدمت إحدى المسؤولات في المجموعة على الانتحار بعد أن تعرضت لضغوط شديدة من الضحايا، مما زاد من الطابع الدرامي للقضية.

واجهة “العمل الخيري”: أداة لكسب الثقة

سعت المجموعة إلى إضفاء الشرعية على أنشطتها من خلال دعم مشاريع خيرية مثل حفر الآبار، تمويل حفلات الزفاف، توزيع الأضاحي، واستغلال الدعاة والخطباء في الترويج لها عبر المنابر الدينية. كما ظهر عدد من الفنانين والأطباء في فيديوهات دعائية لطمأنة الناس حول مصداقية المشروع.

تحذيرات قانونية ودينية

حذّر خبراء قانونيون من أن التسويق الهرمي غير قانوني ويؤدي إلى إفلاس المشاركين باستثناء القائمين على القمة، بينما أكد الفقهاء أن هذه الأنشطة تدخل في باب النصب والاحتيال. ويعاقب القانون المغربي مرتكبي هذا النوع من الجرائم وفقًا لنصوص قانون حماية المستهلك والقانون الجنائي المتعلق بالنصب والاحتيال.

الاحتيال الإلكتروني يتجدد: الإعلان الاحتيالي على فيسبوك

لم تكد تمضي فترة قصيرة على انكشاف “مجموعة الخير”، حتى ظهر إعلان جديد على فيسبوك يروّج لمشروع استثماري زائف، يدّعي أنه “مصادق عليه من طرف جلالة الملك”، وهو أمر مستحيل تمامًا. يعتمد الإعلان على جذب الضحايا إلى تطبيق تلغرام، حيث يتم تغيير اللغة وإقناعهم بالاستثمار ولو بمبالغ  صغيرة تصل إلى 500 درهم.

استراتيجية الاحتيال الجديدة: تسويق بالثقة

يعتمد هذا المخطط على بناء الثقة عبر إقحام شخصيات معروفة أو مؤسسات وهمية، تمامًا كما فعلت “مجموعة الخير” من قبل. يتم الترويج له عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مع التركيز على الشخصيات المؤثرة لجذب المزيد من الضحايا.

الحاجة إلى تدخل صارم

لم يعد التحذير من هذه الأنشطة كافيًا، بل أصبح من الضروري فرض رقابة مشددة على الإعلانات الاحتيالية المنتشرة عبر فيسبوك وتلغرام، إلى جانب حملات توعية مستمرة لتجنب الوقوع في فخ الطمع السريع. فكل مشروع يعد بأرباح خيالية دون تقديم خدمة حقيقية هو عملية احتيال تنتظر لحظة الانهيار.

خاتمة: دروس مستفادة وسؤال مفتوح

تكرار هذه المخططات يطرح تساؤلات حول قدرة السلطات على التصدي لها قبل استفحالها، وضرورة تفعيل قوانين أكثر صرامة لمحاربة الاحتيال المالي، خاصة في ظل التحولات الرقمية التي تسهّل التلاعب بالمواطنين عبر الإنترنت. فهل ستشهد الأيام القادمة إجراءات صارمة، أم أن الضحايا الجدد سيستمرون في الوقوع في نفس الفخ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.