اقتصادمجتمع

برلمانيو المغرب: رواتب فاخرة في بلدٍ يبحث عن الفتات!

م-ص

حين نتحدث عن رواتب البرلمانيين في المغرب، نجد أنفسنا أمام واحد من أكبر المفارقات الاقتصادية في القارة الأفريقية، بل وحتى عالميًا. فبينما يرزح المواطن المغربي تحت وطأة الأجور الهزيلة، وارتفاع تكاليف المعيشة، وتدهور الخدمات العامة، يعيش نواب الأمة في بحبوحة مالية تجعلهم في مصافّ النخب الاقتصادية، لا ممثلي الطبقات الشعبية.

راتب النائب المغربي: حياة الرفاه في بلد التقشف

بحسب الأرقام، يحتل البرلمان المغربي المرتبة الثانية أفريقيًا من حيث الرواتب، بعد جنوب أفريقيا، حيث يتقاضى النائب المغربي ما يعادل 3000 يورو شهريًا، أي ما يفوق راتب نظرائه في السنغال وتونس بثلاثة أضعاف. وهنا يُطرح السؤال الجوهري: هل الناتج الداخلي الخام للمغرب يبرر هذه الفوارق الصادمة؟

بالمقارنة، فإن رئيس الحكومة المغربية يحصل على 70 ألف درهم شهريًا، أي ما يقارب ضعفي راتب الرئيس الصيني، الذي يدير ثاني أقوى اقتصاد في العالم. فبينما يقود شي جين بينغ اقتصادًا عملاقًا بناتج داخلي خام يتجاوز 3200 مليار دولار، بالكاد يصل الناتج الخام للمغرب إلى 82 مليار دولار، ومع ذلك، يتقاضى المسؤولون المغاربة رواتب تضاهي نظراءهم في دول اقتصاداتها تفوق المغرب بأضعاف مضاعفة.

أما إذا أخذنا روسيا كمثال، فنجد أن رئيسها، الذي يتحكم في واحدة من أكبر القوى النووية والاقتصادية، يتقاضى 5000 يورو شهريًا، وهو مبلغ بالكاد يتجاوز راتب نائب مغربي عادي يقتصر عمله في الغالب على الحضور الشكلي أو الغياب التام، مع إطلالات إعلامية مناسباتية للتصفيق والتصويت لتمثيل “الشعب” الذي بالكاد يجد قوت يومه.

البرلمان المغربي: مصاريف بلا محاسبة

إذا كانت هذه الرواتب العالية مجرد بداية، فإن الامتيازات التي يحصل عليها النواب تضاعف من حالة التفاوت الطبقي الصارخ:

  • تعويضات السكن والسفر والوقود.
  • سيارات فارهة وأسطول من الامتيازات.

وفي الوقت الذي يُطلب من المواطن شدّ الحزام، يتحول البرلمان المغربي إلى نادٍ للنخبة السياسية، حيث تتحول السياسة إلى استثمار شخصي مربح، بدل أن تكون وسيلة لخدمة الشعب.

المفارقة: شعب يقتات على الديون ونواب ينعمون بالأموال

في بلدٍ يعاني من البطالة، والتفاوتات المجالية، وارتفاع الأسعار، وتدهور جودة التعليم والصحة، تأتي رواتب البرلمانيين لتكون وصمة عار على جبين السياسة المغربية. فكيف لنائب في برلمان دولة نامية أن يحصل على راتب يعادل دخل أسرة مغربية متوسطة لسنة كاملة؟

ثم يأتيك أحدهم ليبرر هذه الامتيازات بأن “النائب يحتاج لراتب محترم كي لا يكون عرضة للفساد”! أي أنهم يشترون نزاهة النواب سلفًا برواتب ضخمة، في حين لا يجد المواطن من يحميه من جشع الأسواق وارتفاع الأسعار والضرائب التي تُفرض عليه لتمويل هذه الامتيازات. والطريف في الأمر أنه رغم هذه الرواتب الخيالية، لم يمنع ذلك بعضهم من السقوط في مستنقع الفساد، حتى بلغ عدد البرلمانيين المعتقلين في الغرفة الثالثة بسجن عكاشة أكثر من 31 شخصًا! فكيف لنائب يتلقى كل هذه الامتيازات أن يجد نفسه خلف القضبان؟ أهو الجشع أم أن الرواتب الفلكية ليست الحل السحري للنزاهة كما يدّعون؟

إلى متى هذا العبث؟

لقد بات من الضروري فتح نقاش وطني حول جدوى البرلمان المغربي بصيغته الحالية. هل هو مؤسسة تمثل الشعب حقًا، أم مجرد فضاء لتوزيع الامتيازات؟ وهل سيبقى المغاربة يتفرجون على حفنة من المسؤولين يقتسمون المال العام فيما بينهم، بينما يقبع الملايين تحت خط الفقر؟

السؤال الأكبر: هل يجرؤ النواب على تخفيض رواتبهم من تلقاء أنفسهم؟ الإجابة معروفة: لا، إلا إذا فرضها الشارع!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.