بعد الفيضانات التي اجتاحت طاطا… الدواء الأحمر: هل تكفي المشاريع لمواجهة الأزمة؟

طاطا: المراسل
من قلب الفاجعة التي أدمت أرجاء طاطا، وتحديداً بعد الفيضانات المدمرة التي اجتاحت المنطقة، أطلقت السلطات سلسلة من المشاريع التي قد تعيد شيئاً من الأمل للساكنة، ولكن هل ستكون هذه الحلول كافية لإحداث التغيير الجذري الذي طالما طالبت به المنطقة؟
الطريق نحو التنمية: اتفاقيات شراكة بمبالغ ضخمة
تُقدر التكلفة الإجمالية للمشاريع التي ستُنفذ في المنطقة بحوالي 97 مليون درهم، وهو مبلغ كبير، لكن هل يترجم هذا الرقم إلى حلول حقيقية على أرض الواقع؟ هذه المشاريع ستتم تغطية تكاليفها في إطار اتفاقية شراكة بين وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان، وزارة الاقتصاد والمالية، مجلس جهة سوس ماسة، شركة العمران سوس ماسة، والجماعة الترابية لتسينت. شراكة تتطلب متابعة حثيثة كي لا تتحول إلى مجرد اتفاقيات كرتونية توضع في الأدراج وتنسى مع مرور الوقت.
من بين المشاريع المثيرة للجدل والتي تم الإعلان عنها هو مشروع التطهير السائل لمركز تسينت، بتكلفة مالية تقدر بحوالي 24.7 مليون درهم، وهو المشروع الذي تم إبرام اتفاقية شراكة بشأنه بين وزارة الداخلية، وجهة سوس ماسة، المجلس الإقليمي، الجماعة الترابية لتسينت، والشركة الجهوية متعددة الخدمات سوس ماسة. فهل ستكون هذه الخطوة بداية لتأمين بيئة صحية في المنطقة، أم أنها مجرد خطوة شكلية لا تكفي لحل الأزمة البيئية التي تواجهها المنطقة؟
التنمية في القرى: وعود لا تترجم إلى واقع؟
كما تم استعراض بعض المشاريع التي تعد بنقل المنطقة إلى مرحلة جديدة من التطور الاجتماعي والاقتصادي. فمن بينها برنامج الأولويات التنموية بالوسط القروي، والذي لا يزال ينتظر التفعيل الفعلي على الأرض. من بين هذه المشاريع، تأهيل السوق الأسبوعي للجماعة بتكلفة تُقدر بحوالي 6 ملايين درهم، وتغطية مساحة تبلغ 8400 متر مربع. لكن يبقى السؤال المطروح: هل ستكون هذه المشاريع قادرة على تحسين الوضع الاقتصادي للسكان، أم أنها ستظل مجرد مشاريع استهلاكية لا تخدم سوى القليل من المستفيدين؟
أما مشاريع تقليص الفوارق المجالية، التي تم إنجازها بتكلفة ناهزت 28 مليون درهم، فقد تضمنت بناء الطريق المؤدية إلى “دوار تنزيضة”، وبناء الطريق المدارية بدوار القصبة، إضافة إلى توسعة بعض الحجرات الدراسية في ثانوية الأمل وتوسيع الشبكة الكهربائية لبعض الدواوير. لكن يبقى التساؤل الأهم: هل هذه المشاريع التي تُعتبر “مكملات” كافية للحد من الفقر والعزلة؟ أم أنها خطوة سطحية لا تجلب التنمية المستدامة التي يحتاجها السكان؟
الدور الحقيقي للمجتمع المحلي: هل سيحصل على نصيبه من التنمية؟
ما يثير القلق هو أن هذه المشاريع، بالرغم من كونها ضرورية، قد تظل مشروطة بالنظرة التقليدية للتنمية التي لا تراعي بشكل كافٍ احتياجات المجتمع المحلي وتطلعاته. إذا كانت الجهود تُركز على بناء الطرق والمدارس، فلا بد من الإشارة إلى أن المنطقة بحاجة ماسة إلى مشاريع تنموية أعمق، تركز على تحسين مستوى المعيشة، وتوفير فرص العمل، وتوفير بنية تحتية حقيقية تستجيب للتحديات البيئية والاجتماعية.
من هنا، يبقى الأمل في أن تكون هذه المشاريع بداية فعلية لعملية إنقاذ حقيقية للمنطقة، وأن تتحول من مجرد وعود إلى إنجازات على أرض الواقع، وليس مجرد خطط استثمارية تنتظر فترة طويلة كي تتحقق.