بودرقة في قفص الاتهام: من كراسي الجماعة إلى كشوف الحسابات البنكية!

ضربة قلم
ها قد عادت العدالة المغربية لتفتح أبوابها لنائب رئيس جماعة أكادير، مصطفى بودرقة، لكن هذه المرة ليس لإلقاء خطاب افتتاحي ولا لمباركة مشروع تنموي من نوع “زَرِّبْ وَسَلِّي”، بل من أجل “جلسة خبرة” محاسباتية وتقنية على خلفية اتهامات من العيار الثقيل: نصب، احتيال، تزوير، وخيانة أمانة… أي كل ما يحتاجه مسؤول طموح ليصعد السلم الإداري في صمت.
المحكمة الابتدائية بأكادير، وبتأنٍ لا يخلو من الحكمة، قررت صباح الثلاثاء 1 يوليوز أن تعطي للخبراء الكلمة الفصل. وحددت تاريخ 29 يوليوز كمحطة استماع لأطراف النزاع، في جلسة يُرتقب أن تكون حافلة بالأرقام، والأعذار، وربما بعض المسرحيات الجانبية، كلٌّ حسب ما تيسّر له من المحامين والمبررات.
القصة بدأت، كعادة القصص التي لا تنتهي بخير، بشكاية من مواطن مغربي مقيم بالخارج. هذا الأخير، الذي لم يُفصِح عن نواياه الاستراتيجية، اتهم شريكه السابق بودرقة – الذي يمتلك نسبة متواضعة لا تتجاوز 30% من شركة مشتركة – بتبديد الملايين والتصرف في أموال المشروع كأنها مال “العائلة”، في غياب الشريك الأكبر الذي اكتشف فجأة أن الثقة تُستحسن فقط في القصائد لا في الحسابات البنكية.
وحسب الشكاية، بودرقة لم يترك مجالًا للصدفة: تلاعب في الوثائق، اخترع التزامات من العدم، ومرّر بعض “الإبراءات” المزيفة كما تمرر لجنة الصفقات بعض المشاريع المشبوهة. النتيجة؟ خسائر فاقت 30 مليون درهم، وبنك عقاري وسياحي يضع يده على مشروع “سانتر بلاج” برهن ثقيل، عله يسترجع بعضًا من ماء وجهه ومبالغ قروضه.
لكن مهلاً، بودرقة لم يبقَ صامتًا. خرج بتصريح بدا أقرب إلى بلاغ انتخابي، مؤكداً أن الأمر لا يعدو أن يكون نزاعاً تجارياً عابراً، زاد عليه بعض “الحساد” جرعات سياسية، لتحويله إلى مسلسل من إنتاج “معارضي النجاح”.
وأضاف بمرارة أن “الهدف الحقيقي هو تشويش على العمل الجبار الذي يقوم به مجلس أكادير تحت إشراف رئيس الحكومة”، ناسياً أو متناسياً أن الشفافية لا تتعارض مع النجاح، إلا إذا كان النجاح نفسه يتغذى على الغموض.
ومن جهته، خرج مصدر مقرب من بودرقة برواية مختلفة، تصلح سيناريو لفيلم درامي: المشتكي اقتنى أرضاً سياحية في الثمانينات وظلت حبيسة النسيان، حتى تدخل بودرقة “كفارس مغوار” لإنقاذ المشروع، مقابل نسبة من الأسهم. ضخ استثماراً متواضعاً قدره 1.7 مليون درهم (يعني أقل من سعر فيلا على شاطئ تغازوت)، واقترض ما يزيد عن 30 مليون درهم، وشرع في البناء وسط الصعوبات.
ثم عاد الشريك في 2016 فجأة، مطالبًا باسترجاع “كامل حقوقه”، ليتحول المشروع إلى ساحة تجاذب قانوني، بتوقيع مزدوج ومشاريع متوقفة، وكأننا أمام معركة “تخليص الحصص” لا إنقاذ الاستثمار.
الخلاصة؟ بعض الخبرات تقول لا يوجد اختلال، والبعض الآخر ينتظر جلسة 29 يوليوز ليقول كلمته. أما نحن، فلا نملك إلا أن نتابع، ونتساءل: هل نحن أمام منتخب مظلوم أم مستثمر جشع؟ ضحية لمؤامرة سياسية أم مهندس بارع في المحاسبة الانتقائية؟
وفي انتظار الحكم، يبقى بودرقة حراً طليقًا، ينعم بعضويته الجماعية وحنكته في “تحريك الملفات”… حتى إشعار آخر.




