“بيم” ودهاء التسويق: من لعبة القهوة إلى ماراثون الجبن

ضربة قلم
في عالم التسويق، هناك مقولات ذهبية تحفظ عن ظهر قلب، لكن يبدو أن شركة “بيم” المعروفة بالسلع التركية قد وجدت لنفسها مثلاً مغربياً يليق بخططها التجارية: “يتمسكن باش يتمكن”. هذا المثل لم يعد مجرد حكمة شعبية تتداولها الجدات على أعتاب البيوت، بل صار استراتيجية معتمدة على رفوف متاجر “بيم” المنتشرة كالفطر في الأحياء المغربية.
قهوة… بنكهة المراوغة!
لنبدأ من الحكاية التي أثارت انتباه عشاق الكافيين: نوع معين من القهوة التركية الذي اختفى فجأة من الرفوف. في البداية، ظن الزبائن أن الأمر مجرد نقص في المخزون أو تأخر في الشحنات، لكن مهلاً! هل يعقل أن شركة بحجم “بيم” تعجز عن توريد قهوتها بينما تواصل ملء رفوفها بالبسكويت والرقائق بلا انقطاع؟
وبينما بدأ عشاق هذه القهوة يتحسرون على أيامها، عادت فجأة إلى الواجهة، لكن بثمن جديد يثير الحيرة أكثر من نكهتها. زيادة فاقت درهمين دفعة واحدة وكأنها قفزت من فنجان القهوة إلى حساب بنكي مباشر! هل نحن أمام قهوة سحرية تطورت في الظل لتصبح أكثر قيمة؟ أم أن “بيم” كانت تختبر شغف المستهلك لتكتشف إلى أي حد يمكنه دفع المزيد؟
سباق الجبن: ماراثون الأسعار الصامت
ولأن “بيم” تؤمن بمبدأ التنوع في المفاجآت، لم تكتف بالقهوة. جاء الدور على أنواع الجبن لتخوض سباقاً سريعاً ضد الزمن، ولكن هذه المرة ليس نحو النضج، بل نحو ارتفاع الأسعار. زيادات متفرقة تتجاوز درهمين هنا وهناك، كأن الجبن لم يعد مجرد منتج غذائي بل استثمار طويل الأجل!
ما يثير الدهشة هو أن هذه الزيادات لا تتزامن مع أي تغييرات واضحة في جودة المنتج أو تكاليف التعبئة. نفس الجبن، نفس الطعم، فقط السعر هو الذي قرر أن يصبح أكثر “نضجاً” مع مرور الوقت.
“بيم” بين الإغراء والاحتيال اللطيف
قد يقول البعض إن هذه مجرد قواعد السوق: العرض والطلب، تقلبات الاقتصاد، تكاليف النقل… لكن لا يمكن إنكار أن “بيم” تتقن لعبة الإغراء التجاري. فهي تقدم في البداية منتجات بأسعار منخفضة تجعل الزبون يعتقد أنه اكتشف كنزاً مخفياً، ثم تبدأ تدريجياً في رفع الأسعار دون ضجيج، مستغلة الاعتياد الذي يتسلل كضيف غير مدعو.
فهل نحن أمام خطة تسويقية عبقرية أم مجرد استغلال لولاء المستهلك؟ وهل يدرك الزبون أنه كلما استسلم لهذا “الاحتيال اللطيف”، كلما ساهم في تعزيز هذه السياسات؟
خاتمة: فنجان قهوة للتفكير
ربما حان الوقت لنتخلص من التخلف ولننظر إلى عربة التسوق ليس فقط كمجرد وسيلة لحمل المشتريات، بل كمرآة تعكس كيف تؤثر استراتيجيات الشركات على قراراتنا اليومية. وبينما نرتشف قهوتنا (سواء من “بيم” أو غيرها)، ربما يجدر بنا أن نتساءل: هل ندفع ثمن المنتج أم ثمن التعود؟