دفاتر قضائية

بين طنجة والفنيدق: صور بئيسة.. وكأن الوطن صار “كاستينغ” للذلّ الجماعي!

ضربة قلم

في بلد اعتاد أن “ينشف ويكوي” صورته أمام العالم، وبينما كانت بعض الوزارات تُجهّز لتقارير التنمية وتُلمّع إنجازات “الرؤية”، اخترق الإنترنت المغربي فجأة مشهدٌ مأخوذ من كوابيس الواقعية المتوحشة: مهاجرون شباب، بعضهم نصف عراة، جالسون على الأرض، محاطون بأناس يُفترض أنهم يحمون لا يهينون. المكان؟ منطقة بين طنجة والفنيدق. والصدمة؟ الصورة انتشرت كالنار في الهشيم، وتحوّلت إلى عار وطني مؤقت، بانتظار أن تليه فضيحة أخرى تُنسي الأولى!
مواطنون كثر لم يصدقوا أعينهم: أهذه طريقة التعامل مع أبناء البلد الذين قرروا المجازفة بحياتهم عبر البحار؟ وهل من المعقول أن تكون كرامة الإنسان بهذا السعر البخس؟ أما البعض الآخر، فقد اكتفوا بإغلاق الهاتف وهم يتمتمون: “الله يستر ما خفي كان أعظم!”.
الوكيل العام للملك بتطوان تحرك بسرعة، وأصدر أوامر بفتح تحقيق. حُقَّ له ذلك. فالصورة ليست مجرد لقطة، بل فضيحة محتملة، وقد تكون مؤشرًا على ثقافة داخل بعض المؤسسات الأمنية تتعامل مع الفقير والمهاجر كما تتعامل إدارة الضرائب مع الشرفاء: بعين الترقب وأذن تتصنّت!
ولأننا في المغرب، حيث الأمور تبدأ بالفضيحة وتنتهي بـ”النسيان الجميل”، بدأ بعض المحللين يظهرون ليقنعونا أن “الصور قديمة”، أو “مفبركة”، أو “اجتزئت من سياقها”، أو أن “المهاجرين نفسهم كانوا يصورون أنفسهم”… أي سيناريو يصلح إلا مواجهة الحقيقة: كرامة المواطن صارت مادة قابلة للضبط الإداري والتقنين البوليسي!
في دول تحترم الإنسان، مثل هذه الصورة كانت لتسقط وزراء وتطيح بحكومات، أما عندنا، فقد نكتفي بلوم المصور الذي “نشر الفضيحة”، ونترك من صنعها يواصل عمله بأريحية، وربما يُمنح وسامًا لنجاعة “التدخل الميداني”.
نحن لا نطلب المستحيل، فقط معاملة إنسانية حتى في أحلك الظروف. لا نطلب استقبال المهاجرين بالورود، بل فقط ألا يُعاملوا كأكياس بطاطس ضالة في سوق أسبوعي.
وفي انتظار أن تُنهي لجنة التحقيق تقريرها، وتُحوّله إلى ورقة تحفظ في أرشيف “ما يجب ألا يُتكرر”، نقترح على المسؤولين اقتناء كاميرات عالية الدقة… لا لتوثيق المهاجرين، بل لمراقبة سلوك بعض من يعتقد أن القانون يبدأ وينتهي بزيّه الرسمي.

تنبيه: الصورة تعبيرية ولا صلة لها بالواقعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.