سياسةمجتمع

بين نتنياهو وأضعف رئيس أمريكي: غزة تحترق والضمير العالمي يغفو

ضربة قلم

بعيدًا عن أصل كثرة مخرجي هوليود الذين يسيطرون على صناعة السينما ويرسمون لنا صورًا عاطفية، تبقى الحقيقة ثابتة: غالبية العرب والمسلمين الذين تابعوا الأفلام عن الحرب العالمية الثانية، بالرغم من اللعب على عواطف المتلقي، وجدوا أنفسهم يتعاطفون مع اليهود الذين عاشوا ظروفًا قاسية أشبه بالجحيم.. لماذا؟ لأن الإنسان، في جوهره، يجب أن يكون إنسانًا. لا أيديولوجيا ولا عرقًا ولا دينًا يجب أن يحجب مشاعر التعاطف مع معاناة الغير.

ولكن، إذا نظرنا إلى واقع اليوم، نجد أن الفلسطينيين في غزة يعيشون ما هو أخطر وأشد من أي شيء عاشه اليهود خلال تلك الفترة المأساوية. القصف اليومي، الحصار المستمر، نقص الاحتياجات الأساسية، والاعتداءات المتكررة على المدنيين، تجعل من حياة الفلسطينيين مجرد سلسلة من المعاناة التي يصعب تصديقها.

ومن المؤسف والمثير للقلق أن الشخص الذي يقود هذه المأساة – المدعو نتنياهو – لا يبدو أنه يمتلك حتى الحد الأدنى من الإنسانية. هذا الشخص الذي يواجه تحقيقات قضائية متعددة بتهم فساد، أصبح اليوم يتحكم في أضعف رئيس أمريكي، الذي لا دين له ولا ملة، والذي يخضع بوضوح للسياسات الإسرائيلية دون تحفظ.

النتيجة؟ تلاعب بالقوى، وإخضاع شعوب كاملة للقرارات السياسية، وحياة آلاف المدنيين أصبحت مجرد أرقام على جدول بيانات. غزة، بهذا المعنى، تتحول إلى مختبر تجريبي للسياسات العسكرية والسياسية التي تهدف إلى فرض السيطرة، بينما المجتمع الدولي يكتفي بالمراقبة والتعليقات الدبلوماسية الفارغة.

هذه المعاناة تُطرح أمامنا اليوم كاختبار للضمير الإنساني. فكم مرة سنقف مكتوفي الأيدي أمام مذبحة مدنية، وننحني أمام المصالح الكبرى، متناسين أن الإنسانية، قبل كل شيء، هي معيارنا في قياس الأحداث؟

نقول هذا، وتبقى الحقيقة المؤلمة واضحة: السينما قد تلعب على عواطفنا، التاريخ يعلّمنا، ولكن الواقع الحالي لغزة يؤكد أن الإنسان، مهما كان خلفيته أو ديانته، لا يزال ضحية السياسة والسلطة والطغيان.

وفي سياق التطورات الأخيرة، تم الإعلان عن خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة، والتي تشمل بنودًا مثل وقف الحرب، انسحاب إسرائيل، وتبادل الأسرى. وقد لاقت الخطة دعمًا من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، مما يعزز من فرص التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

على الصعيد الدولي، رحبت جنوب أفريقيا بقرار حماس إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، داعية إسرائيل إلى اتخاذ خطوة مماثلة بالإفراج عن السجناء الفلسطينيين.

من جهتها، أعلنت مصر عن تفاؤلها إزاء التطورات الإيجابية المتعلقة بخطة ترامب، معربة عن أملها في أن تسهم هذه التطورات في التزام جميع الأطراف بتطبيق الخط.

تأتي هذه التطورات في وقت حساس، حيث يعاني قطاع غزة من آثار الحرب المستمرة منذ عامين. ومع تزايد الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، تزداد الآمال في تحقيق حل الدولتين، الذي يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل.

وغير بعيد عن الاعتراف الرسمي لدولة فلسطين، شهدت الأشهر الماضية حراكًا شعبيًا عالميًا غير مسبوق. فقد خرجت مسيرات واحتجاجات في عشرات العواصم الأوروبية، الأمريكية، الآسيوية، والإفريقية، تحت شعار “الحرية لفلسطين”، بهدف الضغط على الحكومات لعزل إسرائيل دبلوماسيًا وفرض احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان.

كما أبدى عدد من المشاهير العرب والغربيين، من نجوم السينما والموسيقى والرياضة، تعاطفهم العلني مع القضية الفلسطينية، عبر حملات رقمية، منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقديم دعم مادي لمنظمات الإغاثة في غزة. هؤلاء النجوم ساهموا في نقل معاناة المدنيين الفلسطينيين إلى جمهور واسع، ما أسهم في إثارة الرأي العام الدولي ورفع الصوت ضد الانتهاكات.

ولم يكن التعاطف رمزياً فقط، بل ترافق مع مبادرات حقيقية على الأرض، مثل جمع التبرعات الطبية، إرسال المساعدات الغذائية، والتنسيق مع مؤسسات دولية لضمان وصول الدعم إلى المدنيين المحتاجين.

تضاف هذه التحركات إلى الاعترافات الرسمية الأخيرة، ما يشير إلى أن القضية الفلسطينية لم تعد مجرد نزاع إقليمي، بل أصبحت قضية إنسانية عالمية، تواجه اختبارات حقيقية للضمير الإنساني على كل المستويات السياسية والإعلامية والاجتماعية.

وفي ظل هذه التحركات الدولية والمبادرات الشعبية، يبقى الأمل قائمًا بأن تفضي الجهود المتزامنة بين الاعتراف السياسي، الضغط الشعبي، والدعم الإعلامي إلى وقف العدوان وإحلال السلام العادل في غزة وفلسطين بشكل عام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.