تأثير إلغاء شعيرة الأضاحي على أسعار اللحوم في المغرب: الجزارون يتأقلمون مع الواقع الجديد

ضربة قلم
خلف قرار إلغاء شعيرة نحر الأضاحي في عيد الأضحى هذا العام بسبب التراجع الحاد في أعداد القطيع الوطني، ردود فعل متباينة في أوساط الجزارين بالدار البيضاء والنواحي. فقد كان لهذا القرار وقع خاص على التجار الذين يبيعون اللحوم الحمراء، حيث بدأت العديد من المحلات في المناطق المزدحمة بالسكان مثل بنسليمان والمحمدية والمدن المغربية الأخرى، في تخفيض الأسعار التي كانت قد شهدت ارتفاعات حادة قبل ذلك، خاصة في ظل تراجع القدرة الشرائية للمواطنين.
يأتي هذا القرار في وقت حساس بالنسبة للجزارين الذين كانوا يعولون على موسم عيد الأضحى لتعويض جزء من خسائرهم وتغطية التكاليف. ومع قرار إلغاء شعيرة الأضاحي، كان من المتوقع أن يزداد العرض من اللحوم في الأسواق، وهو ما جعل البعض يسعى إلى تقليل أسعار البيع ليتماشى مع التغيرات المفاجئة في العرض والطلب. هذا التخفيض في الأسعار يعكس بشكل واضح رغبة الجزارين في التأقلم مع واقع السوق الجديد، في محاولة لجذب المستهلكين الذين تراجعوا عن شراء اللحوم نتيجة للارتفاع الكبير في أسعارها والذي زاد من صعوبة التأثير في قدرتهم الشرائية.
لكن هذا التوجه الجديد جاء نتيجة لتراجع كبير في الطلب على اللحوم الحمراء. فمن جهة، نجد أن القدرة الشرائية للأسر المغربية في تناقص مستمر، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على معدلات الاستهلاك. ومن جهة أخرى، كان الإعلان عن إلغاء شعيرة الذبح في عيد الأضحى بمثابة تأكيد على قلة الأضاحي لهذا العام، ما أسهم في حالة من الركود التي طالت الأسواق. ونتيجة لذلك، اضطرت العديد من المحلات إلى تخفيض الأسعار في محاولة للحد من الخسائر التي قد تنتج عن تراكم اللحوم في الأسواق.
هذا، ومن الصعب تحديد ما إذا كانت اللحوم الحمراء المعروضة في الأسواق هي محلية أم مستوردة، بسبب غياب الشفافية في بعض الأحيان حول مصدرها. يظل المواطنون في حيرة من أمرهم، حيث قد تجد أنواعاً من اللحوم تُسوق على أنها محلية، بينما قد تكون مستوردة بشكل غير معلن. هذا الوضع يتطلب مزيداً من الرقابة والوضوح في تحديد مصادر المنتجات لضمان صحة المستهلكين وحماية الصناعة المحلية.
في بعض المناطق، وصل سعر الكيلوغرام من اللحوم إلى 80 درهمًا، وهو ما يعكس انخفاضًا ملحوظًا في الأسعار مقارنة بالأعوام الماضية. هذا التراجع في الأسعار كان بمثابة فرصة للمواطنين الذين كانوا قد ترددوا في شراء اللحوم بسبب الأسعار المرتفعة، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستستمر هذه الأسعار المنخفضة بعد انقضاء فترة عيد الأضحى؟ وهل سيكون هناك تأثير مستمر على أسواق اللحوم في المغرب نتيجة لهذا التراجع الحاد في أعداد الأضاحي؟
الحقيقة أن تخفيض الأسعار يأتي في وقت حساس جدًا ويعكس جزءًا من التحديات التي تواجهها أسواق اللحوم في المغرب، حيث أن التغيرات المناخية، وقلة الإمكانيات الاقتصادية، وتقلص قطيع المواشي الوطني، كلها عوامل تسهم في تعميق الأزمات التي تواجه التجار والمستهلكين على حد سواء. وإذا كانت هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تحفيز الطلب مؤقتًا، فإن تأثيرها على المدى الطويل يتوقف على قدرة السوق على التكيف مع التقلبات القادمة، وأيضًا على استجابة المستهلكين الذين قد يتحفظون في مواجهة الزيادات المستقبلية.