تراجع أسعار الدجاج بالمغرب: بين وفرة الإنتاج واختلال السوق

ضربة قلم
يشهد سوق الدواجن في المغرب خلال الأسابيع الأخيرة تراجعاً ملحوظاً في الأسعار، بعدما ظل الدجاج لوقت طويل من المواد التي أثقلت كاهل الأسر المغربية، خصوصاً خلال فترات الأعياد والمناسبات الصيفية. هذا الانخفاض الذي لامس جيوب المواطنين أخيراً، يعكس جملة من التحولات في السوق الوطنية، أغلبها مرتبط بعوامل إنتاجية واقتصادية بحتة.
وفرة في الإنتاج واختلال في الطلب
بحسب المهنيين، فإن الإنتاج الوطني من الدواجن عرف ارتفاعاً كبيراً خلال الأشهر الماضية، مما خلق فائضاً في العرض داخل الأسواق المحلية. هذه الوفرة لم تُقابل بطلب مماثل، خصوصاً بعد انتهاء موسم الأعراس والعطل الصيفية، ما أدى إلى انخفاض طبيعي في الأسعار.
ويضيف مربّو الدواجن أن الأسعار الحالية لا تعكس التكاليف الحقيقية للإنتاج، إذ ما زالوا يعانون من ارتفاع أثمان الأعلاف والطاقة والكتاكيت، وهو ما يجعل من “انخفاض السعر” مكسباً مؤقتاً للمستهلك، لكنه عبء ثقيل على المنتجين الصغار والمتوسطين.
الأسواق بين الهامش والتذبذب
في أسواق الجملة، ظهر الانخفاض بشكل واضح منذ منتصف شتنبر الماضي، قبل أن ينتقل تدريجياً إلى أسواق التجزئة. غير أن الفارق بين السعر في الجملة وسعر البيع للمستهلك ما يزال قائماً، بسبب هوامش الوسطاء والمضاربين الذين يستفيدون من حالة التذبذب في السوق.
أما في القرى والمناطق شبه الحضرية، فقد ظل الإيقاع بطيئاً نسبياً، إذ يعتمد السكان هناك على تربية الدواجن المنزلية أو على شبكات توزيع تقليدية لا تتأثر بسرعة بالتقلبات الوطنية.
مربّون بين المطرقة والسندان
بينما يتنفس المستهلك الصعداء، يعيش صغار مربّي الدواجن مرحلة حرجة. فالتكاليف المرتفعة، خاصة بعد زيادة أسعار الأعلاف والمحروقات، جعلت العديد منهم يعانون من خسائر متكررة. بعضهم اضطر إلى تقليص حجم الإنتاج، وآخرون انسحبوا مؤقتاً من السوق في انتظار “تحسن الظروف”.
ويحذر مهنيون من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى نتائج عكسية، إذ قد يتسبب في تراجع العرض خلال الأشهر المقبلة، مما يعيد الأسعار إلى الارتفاع مجدداً.
بين الواقع والآمال
في الوقت الذي يبحث فيه المواطن عن التوازن بين دخله اليومي وسلة استهلاكه، تبقى مسألة الأسعار رهينة بتقلبات السوق العالمية، وكلفة الإنتاج، وسلوك الوسطاء. فكلما تم ضبط قنوات التوزيع وتقليص المضاربات، تحقق نوع من الاستقرار.
غير أن ما تحتاجه السوق المغربية فعلاً، هو تنظيم مستدام للقطاع يضمن استقرار الأسعار ويحمي كل الأطراف: المربي والمستهلك على حد سواء. إصلاح منظومة التسويق، وتقليص تدخل الوسطاء، ومراقبة جودة الأعلاف، كلها خطوات أساسية لضمان توازن دائم بين العرض والطلب.
خلاصة
سواء أكان تراجع الأسعار ناتجاً عن فائض الإنتاج أو عن خلل في سلسلة التوزيع، فإن النتيجة واحدة: الدجاج المغربي فقد جزءاً من قيمته السوقية مؤقتاً، لكنه لم يفقد مكانته على المائدة الشعبية.
ويبقى السؤال الذي يطرحه الجميع:
هل يستمر الانخفاض مع تغير الفصول، أم أن دورة الأسعار ستعود إلى الارتفاع من جديد مع أول موجة برد؟




